المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغضب في ميزان الشريعة


انين الروح
06-11-2022, 12:24 PM
الغضب في ميزان الشريعة


الحمد لله الذي خلَق الموت والحياة ليبلوَكم أيُّكم أحسن عملًا، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فليس عيبًا الغضب إذا كان على حقٍّ دون تجاوُزٍ عن الحد، وإنما العيب فيه إذا كان على غير حقٍّ أو أمور تافهة.



وما أشدَّ ضرر الغضب، وما أقلَّ نفعه؟ وما اتَّصف به امرؤ إلا قلَّ رفقاؤه، وصار مكروهًا لدى قومه.



إن الغضب مرضٌ من أمراض التي نارها تتلظى في القلوب، وداء من أدواء المجتمع الذي فرَّق كثيرًا من الناس، وقادهم إلى فلاة الهلاك، وأزال الحياء والقيمة والهيبة على كثير من أصحاب المروءة.



مفهوم الغضب:

الغضب ضد الرضا، واصطلاحًا: هو تغيير الحالة عن الطبيعة الأصلية؛ لأذية من الأذى فتنفعل.



حكم الغضب:

يترتب على الغضب عدة أحكام؛ منها:

1- الكراهة: كأن يغضب بمجرَّد مزاح معه فقط.



2- الوجوب: هو أن يغضب لله متى استهزئ بدين الله أو رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لرفع الظلم عن أحد.



3- الحرام: هو أن يغضب على أحد من أجل أنه قام لنصرة الحق.



أقسام الغضب:

فالغضب قسمان: غضب الخالق، وغضب المخلوق.



1- غضب الخالق: هو غضب الله عز وجل على مخلوق من مخلوقاته لطغيانه في الأقوال أو فساده في الأفعال فوق الأرض.



فقد غضب على أمة لفسادهم وطغيانهم في الأرض، فجعل منهم القردة والخنازير وعبدة الطاغوت؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 60].



وهذا يدل على أن الغضب صفة ثابتة للخالق دون تماثل للمخلوقين.



2- غضب المخلوقين: هو أن يقع بين إنسيين أو جنيين أو حيوانيين، أو بين إنسان وجن أو إنسان وحيوان.



حالات الناس في الغضب:

فالناس في الغضب ثلاثة أصناف:

1- غضب قولي: هو من إذا غضب نطق.



2- غضب فعلي: هو من إذا غضب تصرَّف بأفعال؛ إما بضربٍ أو بأخذ سلاح.



3 - غضب سكوتي: هو مَن إذا غضب كتم غيظَه، أو أظهَر غضبه بوجهه دون كلام.



وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث واحد.



عن أبي سعيد الخدري قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان»؛ رواه مسلم.



أسباب الغضب:

الأسباب التي تؤدي إلى الغضب كثيرة؛ منها:

1- الاعتداء على الناس.

2- التهمة.

3- السخرية.

4- قتل الأبرياء.

5- السرقة.

6- الشتم.

7- الخيانة.

8- فضح عورات الناس.



خطورة الغضب:

فمن خطورة الغضب التعدي في الأقوال والأفعال، فكم من غاضبٍ قتل نفسه عن طريق الإعدام أو الأدوية المسمومة، أو جبل شاهق أو مبانٍ مشيدة، أو الرصاص أو السكين أو بسيارات.



وكم من غاضبٍ جرَّه قولُه وفعله إلى السجن أو الفتنة، أو إلى فراق بين الأحبة.



فهذا رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم ما كان يغضب إلا لله، وكان يعرف متى يغضب؟ وكيف يغضب؟ ولماذا يغضب؟ وإذا غضب كيف يتصرَّف مع المخطئ في الأقوال والأفعال، ولنا المثل الأعلى في قصة أسامة بن زيد رضي الله عنه لَمَّا أراد الشفاعة للمرأة المخزوميَّة، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهَمَّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلَّمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب، ثم قال: إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها"؛ متفق عليه.



ومن خطورة الغضب حبسُ أعمال المتخاصمين فلا تصعد إلا عند التصالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبد لا يُشرك بالله شيئًا إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظِروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا)؛ رواه مسلم، وفي رواية له: (تُعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين".



علاج الغضب:

على المسلم أن يعلم ما أعدَّه للكاظمين الغيظ من جنة عرضها السماوات والأرض؛ قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].



فمن العلاج للغضب في القرآن الكريم، والحديث النبوي ما يأتي:

1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 200].



وفي الحديث عن سليمان بن صُرَد - رضي الله عنه - قال: كنت جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبَّان، وأحدهما قد احمرَّ وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد"؛ رواه البخاري.



2- حبس النفس عند الغضب: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"؛ رواه البخاري.



3- قراءة القرآن الكريم: قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].



4- السكوت والسكون والتغاضي والابتعاد عمن يغضبك.



الختام:

فإن كان الغضب من النار، فإن الصبر من الماء؛ فأطفؤوا نيران غضبكم بالصبر، وهذا رسول البشرية صلى الله عليه وسلم يوصي رجلًا بوصفة أخلاقيات للغضب بعدما كان متحيرًا، يبحث عما يعالجه أو يطمئنه، فلعله بحث عنه في الصيدليات التقليدية، أو في البيوتات العربية أو الأندية، أو في الأسواق ليشتريه، فلم يجده، فلما وصل إلى مدرسة الأخلاق عند الرسول المتمم للأخلاق الكريمة، فسأله وصيةً تنقذه في الدارين، فلما نظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم أدرك بأن له مرض الغضب فأوصاه بالصبر؛ لأنه أدرى الناس بفحوصات الأخلاق، وقال له: بعد طلب الرجل، وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِني، قَالَ: لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لا تَغْضَبْ؛ رواه البخاري.



نسأل الله أن يشرحَ صدرونا، ويجعلنا من الكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس، ويرزقنا حسنَ الخاتمة.



وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

غرام الحب
06-17-2022, 12:58 PM
طرح ممُيَّزةجِدَاً وَرآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك
دُمتْ ودامَ نبضُ متصفحك
متوهّجاً بِروَعَةْ طرحكم

سمو الروح
06-22-2022, 10:31 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمتي ,,,,

محروم
07-03-2022, 06:03 PM
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

شيخة الزين
07-03-2022, 08:19 PM
http://www.llssll.com/vb

فتون
07-09-2022, 04:39 PM
سلمت يدآك على روعة الطرح
وسلم لنآ عطاؤك وجمال إبداعك ..
ولموضوعك الجميل كل الشكر والتقدير ..
اسأل البآري لك سعآدة دائمة ..
لروحك عقد الياسمين..!

ورد
07-24-2022, 12:50 PM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك

مہلہك الہعہيہونے
07-29-2022, 03:07 PM
(’)

.
دَام عَطَائِكْ.. يَآطُهرْ..
وَلَا حَرَّمْنَا أَنْتَقَائِكْ الْمُمَيِّز وَالْمُخْتَلِف دَائِمَا
حَفِظَك الْلَّه مِن كُل مَكْرُوْه ..
*
تَحِيّه مُعَطَّرَه بِالْمِسْك.., ,


‘*

أمير المحبه
07-29-2022, 05:33 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

فجر النهار
07-30-2022, 07:37 PM
جزآك ربي آلجنة ونعيمهآ
وحرم أنآملك على آلنآر
الله يجزيك الخير

تقبل اطللتي بمتصفحك الرائع

مہلہك الہعہيہونے
08-22-2022, 04:28 AM
جزآك ربي آلجنة ونعيمهآ
وحرم أنآملك على آلنآر
الله يجزيك الخير
تقبل اطللتي بمتصفحك الرائع

عاشق الليل
08-20-2023, 02:36 PM
..





جزَآك آللَه خَيِرا
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله

http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14025248457.gif

سمير العباسي
09-12-2023, 04:06 AM
http://up.anin-ro7.com/do.php?img=6527

ريم
09-27-2023, 09:59 AM
-


جزاك الله كل خير
وجعله الباري في موازين حسناتك
كل الود ..

ميرا
01-17-2024, 11:37 PM
بارك الله فيك وعافاك
على الموضوع القيم
وجعله في ميزان حسناتك

https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/239.gif