المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لو صفت الدنيا من الأكدار لما تعلقت القلوب بالجنة


بنت الأكابر
09-27-2022, 09:51 PM
لو صفت الدنيا من الأكدار لما تعلقت القلوب بالجنة


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ ﴾ [آل عمران: 186].



تأملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾، حكم الله تعالى على الدنيا بأنها دار ابتلاء، وكتب سبحانه وتعالى على خلق جميعًا بالابتلاء؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155].



وأَكَّدَ ذلك بتأكيدين بلَامِ الْقَسَمِ، وَالنُّونِ، حتى لا يَتَوَهَمَ أحدٌ أنَّهُ بمنأى عَنِ الابتلاءِ، ومن رحمة الله تعالى أن الابتلاء يكون على قدر إيمانِ المرء؛ عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صُلْبَ الدِّينِ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ، فَمَنْ ثَخُنَ دِينُهُ ثَخُنَ بَلَاؤُهُ، وَمَنْ ضَعُفَ دِينُهُ ضَعُفَ بَلَاؤُهُ»[1].



ثم تأملْ الحكمةَ التي من أجلها كتب الله تعالى على العبادِ الابتلاءَ؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ ﴾، وَإِنْ تَصْبِرُوا على أقدار الله المؤلمة، وتتقوا أساب سخط الله، تفوزوا برضوان الله؛ كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ»[2].



إنَّه التمحيصُ ليظهر الصادق من الكاذب، والمؤمن التقي، من الكافر الشقي؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31].



وكما يكون الابتلاءُ بِالشَّرِّ وَالضَّرَّاءِ يكون بالْخَيْرِ وَالسَّرَّاءِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء: 25].



وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ﴾ [الأعراف: 168].



وقد يكون الابتلاءُ بالسَّرَّاءِ أعظمُ بكثيرٍ من الابتلاءِ بالضَّرَّاءِ؛ فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: «ابْتُلِينَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا، ثُمَّ ابْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ بَعْدَهُ فَلَمْ نَصْبِرْ»[3].



ومن حكمة الابتلاء كذلك، لاسيما الابتلاء بالضراء، ألا يركن الناس إلى الدنيا، ويرضوا بها بديلًا عن الجنة، فلو صفت الدنيا من الأكدار، وخلت من المنغصات، لما تعلقت القلوب بالجنة، ولما هفت الأرواح شوقًا إليها.



وصدق أَبُو العتَاهِيَةِ حين وصف الدنيا بقوله:

هِيَ الدَّارُ دَارُ الأَذَى وَدَارُ القَذَى
وَدَارُ الفَنَاءَ وَدَارُ الغِيَر
فَلَوْ نِلْتَهَا بِحَذَافِيْرهَا
لَمُتَّ وَلَمْ تَقْضِ مِنْهَا الوَطَر

[1] رواه أحمد- حديث رقم: 1481، والترمذي - أَبْوَابُ الزُّهْدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى البَلَاءِ، حديث رقم: 2398، وابن ماجه - كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ، حديث رقم: 4023، والحاكم- كِتَابُ الْإِيمَانِ، حديث رقم: 120، وابن حبان- كِتَابُ الْجَنَائِزِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ وَثَوَابِ الْأَمْرَاضِ وَالْأَعْرَاضِ، حديث رقم: 2900، بسند صحيح.

[2] رواه الترمذي - أَبْوَابُ الزُّهْدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى البَلَاءِ، حديث رقم: 2396، وابن ماجه - كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ، حديث رقم: 4031، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بسند حسن

[3] رواه الترمذي - أَبْوَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالرَّقَائِقِ وَالْوَرَعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابٌ، حديث رقم: 2464، بسند حسن.

سمو الروح
09-28-2022, 02:46 AM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمتي ,,,

خلود المشاعر
09-28-2022, 07:40 AM
طرح رائع ومميز كالعادة
شكرا لك على روعة طرحك واختيارك
والله يعطيك العافية
كنت هنا /عزوف

محروم
09-28-2022, 05:28 PM
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

الامل الذهبي
09-29-2022, 02:28 PM
شكراً لـ طرحك الطيب
والله يعطيك ألف عافيه لمجهودك
تقديري

أمير المحبه
09-29-2022, 06:18 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

ورد
10-01-2022, 07:55 PM
بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته

ميمو
10-01-2022, 10:22 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز، وفي انتظار جديدك الأروع والمميز.. لك مني أجمل التحيات، وكل التوفيق لك يا رب.

اشراق
10-02-2022, 10:29 AM
جزاك الله خير الجزاء
ورفع قدرك واسعدك بالدنيآ والآخرة
وجعله في ميزان حسناتك..

شيخة الزين
10-02-2022, 12:17 PM





طرٍح رٍآئع كَ ع ـآدتك ...
يتمـآيل آليـآسمين شذى بجمـآل متصفحك ..
ؤتترٍآقص آلـ ؤرٍؤد متعطرة برٍؤعة مَ طرحته أنـآملك
لرٍؤحك أطيب آلـ ؤرٍد ؤأكـآليل آلـ زهرٍ

معطرٍة برٍقةرٍؤحك

https://upload.3dlat.com/uploads/13612773802.gif





كاتم احساسي
10-09-2022, 07:48 AM
جزاك الله كل الخير والحسنات
ربي يوفقك

عاشق الليل
08-17-2023, 01:04 PM
..





جزَآك آللَه خَيِرا
علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعله فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ
الفًردوسَ الأعلى
دمت بحفظ الله

http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14025248457.gif

سمير العباسي
09-08-2023, 11:05 PM
http://up.anin-ro7.com/do.php?img=6527

ميرا
01-18-2024, 12:21 AM
بارك الله فيك وعافاك
على الموضوع القيم
وجعله في ميزان حسناتك

https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/239.gif