المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هدايات سورة النساء


شيخة الزين
08-03-2022, 05:47 AM
هدايات سورة النساء


إن الحمد لله نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون، تأتي سورة النساء في القرآن الكريم السورة الرابعة في ترتيب سور القرآن الكريم، وهي سورة تبدأ أول ما تبدأ بتذكير الناس بنشأتهم وخلقهم، والوصية الدائمة لهم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

والمقصود بالزوج هنا هي المرأة، فإن كلمة زوج في القرآن الكريم وفي لغة العرب تعني المرأة لا الرجل، كما قال تعالى عن أمهات المؤمنين: (وأزواجه أمهاتهم).

وسنقف مع هذه السورة عدة وقفات:
أولًا: المسمى، فالسورة سُميت بسورة النساء، وفي هذا دلالة عظيمة، فلا توجد في القرآن الكريم سورة تُسمى (سورة الرجال)، ذلك أن المرأة كانت مهمشة الحقوق والمكانة في أهل الجاهلية، لا يقيمون لها وزنًا، ولا يعتبرون لها قيمة، وتعلمون أن من العرب من كان يَئِدُ ابنته حال ولادتها خوفًا من النفقة عليها، أو خوف العار من فعلها، ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9]، ولأن الله تعالى يعلم كل شيء، ويعلم أن الحديث حول المرأة لا ينتهي، وأن الحديث حول المرأة هو البوابة التي يلج منها المفسدون، كان اسم هذه السورة وحدَه غصةً في حلوق مدعين الدفاع عن المرأة وحركات التحرر والنسوية التي تجدد بعد حين وحين، فكيف لهم أن يتَّهموا الإسلام بتقليل شأن المرأة وسورة طويلة كاملة من السبع الطوال تسمى سورة النساء.

ثانيًا: أشارت سورة النساء لموضوع التعدد في الزواج، وكأنه الأصل في الزواج: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3]، وهذا التعدد مشروط بالعدل، والمقصود بالعدل المساواة في المبيت والنفقة، ومراعاة العدل بصورة عامة بين الزوجات وأبنائهن، فلا يطفو الظلم على العدل ويكون هو الصورة الواضحة، بل يطفو العدل على الظلم ويكون هو الصورة المرئية والاتجاه العام في التعامل مع الزوجات وأبنائهنَّ، وكما قال تعالى: (﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النساء: 129]، ولما بدأ الرجال والنساء أيضًا يتخلون عن فكرة التعدد والرضا به، ظهرت على السطح مشكلة العنوسة، والعلاقات المحرمة، وكأن الناس إذا تركوا شيئًا من شرع الله، أغواهم الشيطان إلى ما فيه فسادهم وانحرافهم، فالهدي كل الهدي فيما شرعه الله تعالى وإن ادعى أهل الأهواء غير ذلك.

ثالثًا: أكدت السورة حقوقَ الأيتام، ومراعاة الله تعالى في حفظ أموالهم وكيفية الأخذ منها، ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 6].

وحذَّرت أشد التحذير من أكل أموال اليتامى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]، فالويل كل الويل لمن أكل مال يتيم أو ضيَّعه، أو طمِع فيه.

رابعًا: في سورة النساء أمر واضح جلي، وهو قسمة الفرائض والمواريث، وفي هذه القسمة نلحظ أمرين هامين:
الأول: أن الله تعالى هو الذي قسم الفرائض ولم يتركها لأحد من خلقه، فهو الذي حدَّد نصيب الوارثين من الأبناء والآباء والأمهات والزوجات والإخوة.

الثاني: أن الله تعالى جعل الأصل في القسمة هو نصيب المرأة لا نصيب الرجل: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]، وهذا من كمال عدل الله تعالى، وفيه أيضًا ردٌّ على الذين يتهمون الإسلام بانتقاص حقوق المرأة، ففي أي شريعة هذا التقسيم المفصل للمواريث إلا في شريعة الإسلام.

خامسًا: هذه السورة هي سورة الضعفاء، وهذا اتجاه عام في السورة من أولها إلى آخرها، فهي تتكلم عن النساء وهنَّ أضعف خلق الله إنسانًا، وتتكلم عن الأيتام ومعلوم ضعفهم وانكسارهم، ولم تشرع صلاة الخوف إلا في سورة النساء، وصلاة الخوف من مسماها صورة من صور الضعف التي تصيب المؤمنين في حالة من الحالات، وتتكلم أيضًا وتفصل كثيرًا في نصرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلًا.

سادسًا: القيمة الأعظم في هذه السورة تتجلى في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40]، وانظروا أيها المسلمون إلى دقة اللفظ القرآني: "مثقال ذرة"؛ أي شيء صغير مُحتقر لا يُرى، وكما قال تعالى: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]، فاتَّقِ الله يا من تظلم الناس سواء كانوا زوجة أو أبناءً أو إخوة أو أقاربَ، أو عاملين أو غيرهم، ولا تراعي حق الله تعالى فيهم، فإن الله تعالى لا يرضى بالظلم ولا يرضى عن المظلومين.

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنبٍ وإثم وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على النبي الهادي الأمين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أيها المسلمون، من خصائص سورة النساء أنها نهت أشد النهي عن قتل المؤمنين المتعمد؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، لا توجد عقوبة في القرآن الكريم بعد عقوبة الشرك بالله أشد من عقوبة قتل المؤمن بغير حق، وكما قال صلى الله عليه وسلم: "ولا يزال المرء في عافية من دينه مالم يُصب دمًا حرامًا"، فهؤلاء الذين يحملون الأسلحة في جيوبهم وفي سياراتهم، فإذا اختصموا أي خصومة مع غيرهم، بادروا بشن أسلحتهم على الآخرين، وكأنهم مستعدون دومًا لهذه الحالة، حالة قتل المسلمين ولا يبالون، فليتَّقِ الله المرء أولًا في نفسه، ثم في ولده، ولا يركن لظنه الحسن فيهم، بل ليبحث في ثيابهم وسياراتهم عن هذه الأسلحة، وليذكرهم بالله ويخوِّفهم من عقابه، فكم من نفوس ذهبت لحماقة رجال وطيشهم، وغياب الوعي عنهم، وإهمال تربيتهم وتوجيههم.

نسأل الله الصلاح والسلامة لنا ولذرياتنا.

ولأن سورة النساء هي سورة الضعفاء، فقد ختمت السورة بقصة نبي من أنبياء الله عليهم السلام، وهو أكثر نبي تعرَّض للظلم، هو نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام، فهي تذكيرٌ للمظلومين أن من أنبياء الله المقربين أولي العزم من المرسلين، مَن ظُلم هو وأمُّه، فلا يظن المظلوم أن الله لا يقف معه، أو أن الله يرضى بالظلم الذي وقع عليه، فإن في أنبياء الله أسوةً حسنة، وليظن العبد بربه خيرًا، فإن الله ينصره ولا يَخذله، وقد يكون الظلم نوعَ بلاءٍ يبتليه الله به ليرفع درجته ويكفِّر من سيئاته ويزيد إيمانه، (واتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).

أيها المسلمون، هذه شذرات من سورة النساء العظيمة، لنتدبَّرها ونفهم آياتها، ونعمل بها وبمقتضاها، جعلنا الله وإياكم ممن يتدبر آيات الله ويعمل بها.

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وانصُر عبادك المجاهدين، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ عمل يقرِّبنا إلى حبك.

اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

اللهم احفَظنا بحفظك ووفِّقنا إلى طاعتك، وارحمنا برحمتك، وارزقنا من رزقك الواسع، وتفضَّل علينا من فضلك العظيم.

اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ مَن زكَّاها أنت وليُّها ومولاها.

اللهم أصلح إمامنا وليَّ أمرنا، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين وفجور الفاجرين واعتداء المعتدين.

سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

سمو الروح
08-03-2022, 10:06 AM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمتي ,,,

ورد
08-03-2022, 10:44 AM
جزاك الله خير ونفع بك
وجعله في موآزين حسنآتك
ورفع به درجآتك على هذآ الطرح القيم
لا حرمنآالله توآجدك

شيخة الزين
08-04-2022, 06:36 AM
سمو الروح
يتراقص مُتَصَفِحِي فرحا بَمَرُوَرَكُ.. الشَجِيْ..
وَأَحْرُفُك.. كَالْنَّدَى بَيْن أَوْرَاقِي..
شُكراً لتَوَاجُدِكُ.. الَرَاقِي .
شيخة الزين

شيخة الزين
08-04-2022, 06:36 AM
ورد
يتراقص مُتَصَفِحِي فرحا بَمَرُوَرَكُ.. الشَجِيْ..
وَأَحْرُفُك.. كَالْنَّدَى بَيْن أَوْرَاقِي..
شُكراً لتَوَاجُدِكُ.. الَرَاقِي .
شيخة الزين

محروم
08-05-2022, 05:06 PM
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

خلود المشاعر
08-31-2022, 12:29 AM
ربي يبارك في جهودك
شكرا لك على جمال وروعة الاختيار
والله يعطيك العافية
كنت هنا /عزوف

انين الروح
08-31-2022, 03:48 AM




ألف شكر لك على هذا الطرح المميز
تسلم الانامل على الذوق الرفيع
و الابداع والتميز يعطيك الف عافية
ولا تحرمينا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
كوجودك المتواصل والجميل معنا
دمت ودام لنا تميزك
لروحك أكاليل الورد


مع تحياتي
انين الروح
https://upload.3dlat.com/uploads/13612773802.gif





نقاء المطر
05-25-2023, 08:48 PM
يعطيك العافية على الطرح
سلمت يدآك ..
ما ننحرم من تواجدك و جديدك ..

عاشق الليل
08-16-2023, 02:11 PM
..




جزاك الله خيرا
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك
دمت بكل خير
http://www.raaw9.com/up2/uploads/168806703524831.png

سمير العباسي
09-19-2023, 04:13 AM
http://up.anin-ro7.com/do.php?img=6527