المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : {يدنين عليهن من جلابيبهن}


انين الروح
06-20-2022, 02:54 PM
﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾[1]



جاءت هذه الجملةُ في سورة الأحزاب حينما أمر الله تعالى باتخاذ الحجاب خارج الدار؛ فيقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].



في هذه الآية كلمتان لهما أهمية في فَهم معنى الحجاب، وهما "إدناءُ شيء على شيء"، و"جلابيب جمعُ جلباب"؛ لنتتبع كلام العرب ونحدِّد معانيهما.



فعل "دَنَا يَدْنُوْ"، و"أدَنَى يُدْنِيْ" تأتي لهما أربع صلات مختلفة؛ وهي: "اللام"، و"إلى"، و"مِنْ"، و"على"، كما يُستخدَمان بدون الصلة؛ قال حاتم الطائي:

يسعى الفتى وحِمامُ الموت يُدركه
وكلُّ يوم يُدنِي للفتى الأجلا[2]


وقال سهم بن حنظلة الغنوي:

يُدني الفتى للغِنى في الراغبين إذا
ليلُ التمام أهَمَّ المقترَ العزَبَا
حتى يُصادِفَ مالًا أو يقال فتًى لاقى
التي تشعب الفتيانَ ما انشعَبَا[3]


وقال رؤبة بن العجاج:

تُدني ليوم القذف والرِّجام[4]

صوادمًا يَبقين للصِّدام[5]



وقال رؤبة أيضًا:

نحن ما لم نرَ أمرًا رشدا

نُدنِي لنُكد الناس منا نُكدا[6]



فلو أنَّ الشاهدَين الأولَين يشيران إلى قرب الشيء من الشيء، ولكن الشاهدين الأخيرين يُلمَح منهما أنَّ هذا القرب قد ازداد؛ حتى لم يبقَ فرقٌ بين المقرَّب والمقرَّب منه.



وقال الكُميت الأسدي:

وأدْنِ إلى ريَّان هوجًا كأنها
بحوصَلٍ أو من وحش نَيَّانَ ربربُ[7]


وقال الأخطل:

ولولا هوانُ الخمر ما ذقتَ طعمَها
ولا سُفتَ إبريقًا بأنفك مُترَعا
كما لم يذقْها إذ تكون عزيزةً
أبوك ولا تُدني إليه فيَطْعَما[8]
سُفتَ: شممتَ.



وقال سلمة الجُعفي:

فتًى كان يُدنيه الغِنى من صديقِهِ
إذا ما هو استغنى ويُبعِده الفقر[9]


وقال ضابئ بن الحارث بن أرطأة البرجمي الذي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم:

وما عاجلاتُ الطير تُدنَى من الفتى
رشادًا ولا عن ريثهنَّ يخيبُ[10]


وقال الفرزدق:



يُدني خوافقَ من خوافقَ تلتقي
في كلِّ مُعتَبَطِ الغبارِ مُثار[11]
وقال الفرزدق أيضًا:

عجبتُ لحادينا المُقَحِّم سيرُه
بنا مُزحِفاتٍ من كلالٍ وظُلَّعَا
ليُدنينا ممن إلينا لقاؤه حبيبٌ
ومن دارٍ أردنا لتجمَعَا[12]
وله كذلك:

سيُدنيك من خير البرية فاعتَدَل
تناقلُ نصِّ اليَعْمَلاتِ الرَّواسم[13]


وقال الأخطل:

فأدنيتُ منهم سَبْحَليًّا[14] كأنه
قتيلٌ من السودانِ عبلٌ مُجَرَّح[15]


ففي الأبيات المذكورة أعلاه يبدو القرب فقط، ولكن الأبيات المذكورة أدناه تدلُّ على أنَّ الشيئين قد التصق بعضهما ببعض، ولم يبقَ فارقٌ بينهما؛ فقال المرقش الأصغر:

أموالُنا نقي النفوسَ بها
من كلِّ ما يُدنَى إليه الذم[16]


وقال العُجَير السلولي:

فقام فأدنى من وسادي وسادَه طَوِي
البطنِ ممشوقُ الذراعينِ شَرْجَبُ[17]


وقال زهير بن أبي سلمى:

فزادك أنْعُمًا وخَلَاك ذمٌّ
إذا أدنيتَ رحلي من سنانِ
فتًى لا يرزأ الخلَّانَ شيئًا
ولا يبخل بما حوتِ اليدانِ
أبى لك أن تُسامَ الخسفَ يومًا
إذا ما ضِيم غيرُك خَلَّتان
عطاءٌ لا تكدِّره بمنٍّ
إذا دنت الكِعابُ من الدخانِ
وقودُك للعدو الخيلَ قُبًّا
مُسَوَّمةً جنابَك فَيْلقانِ[18]
فدًى لك والدي وفدتك نفسي
ومالي إنه منه أتاني[19]


في البيت الأول لزهير خطاب للجمل، وفي البيت الثاني اعتُبِرَ سنانٌ فتًى، وهو كهل، كما في البيت الثالث التفات من الغائب إلى الحاضر.



وقال الأخطل:

ليستْ بسوداء من مَيثاءَ[20] مُظلِمةٍ
ولم تُعَذَّبْ بإدناءٍ من النار[21]


وقال الأخطل أيضًا:

هل تُدنينك من أروى مُقَتَّلَةٌ
لا ناكتُ يُشتَكى منها ولا زَوَر[22]


ففي بيتيِ الأخطل هل يمكن أنْ يعذَّب أحدٌ بشيءٍ بدون أنْ يلتصق الشيء به؟ أو هل يستلذُّ المرء من حبيبه بدون أن يلبس أحدهما الآخر؟



وقال الأعشى الكبير:

بأبي الأشعث قيس إنه
يشتري الحمدَ بمَنْفُوْسِ الثَّمَن
جئتُه يومًا فأدنى مجلسي
وحباني بلَجُوجٍ في السَّنَن[23]
لجوج: فرس، وسنن: نهج الطريق.



وقال عبيد بن الأبرص:

وإنها كمهاة الجوِّ ناعمة
تدني النَّصيف بكفٍّ غير موسومه[24]


وقال مسكين الدارمي:

وبينهما المضطر يلتمس التي
جميعهم فيها بكل طريقِ
فذاك تدانيه فتدنيه مرة
وتجفوه أخرى منك فعل رفيقِ[25]


وقال كعب بن سعد الغنوي:

ألم تعلمي ألَّا يراخيَ منيتي
قعودي ولا يُدني الوفاةَ رحيلي[26]
ففي هذه الأبيات كلها الإدناء يعني: لزوم الشيء بالشيء ولا غير.



وأما "أدناه على أحد" الذي استخدمه القرآن الكريم في آية سورة الأحزاب، فلنُمْعِنِ النظر فيه في ضوء الأبيات الآتية:

قال النابغة الذبياني يصف ظَلِيمًا:

يُدنِي عليهنَّ دفًّا ريشُه هدم
وجؤجوًا، عظمُه من لحمه عار[27]
أي الظليم ينشر ريشه وصدره على البيض، والدفُّ هو الجنب.



وقال امرؤ القيس يصف فتاة:

إذا أخذتْها هِزَّةُ الروع أمسكتْ
بمَنْكِب مِقدام على الهول أروعا
تصدُّ عن المأثور بيني وبينها
وتُدني عليَّ السابري المُضَلعا[28]
أي: عندما تأخذها هزة الروع فهي تصدُّ عن المأثور، وتغطِّيني بثوبها الرقيق المخطَّط.



وقال الكميت الأسدي:

وأدْنِينَ البرودَ على خدودٍ
يُزيِّنَّ الفداغمَ بالأسيل[29]
برد جمعه برود: ثوب في خطوط، والفداغم من الرجال الحسن مع العِظَم؛ أي: يغطِّين الخدود بالأثواب المخطَّطة؛ بحيث يزيِّنَّ حُسن الرجال وعظمتهن بالأسيل.



وقال مالك بن خالد الخُناعي الهذلي:

يُدني الحشيف عليها كي يواريها
ونفسَه وهو للأطمار لباسُ[30]


أي: إنه يغطِّيها بالثوب الخَلِقِ لإخفائها مع أنه يتصف بالأخلاق، فالحشيف: الثوب الخلق، والأطمار: الأخلاق.



وقال عوف بن عطية بن الخرع الرباني:

وجلَّلْنَ دمغًا قناعَ العرو
س أدنتْ على حاجبيها الخمارا
فكادت فزارةُ تصلَى بنا
فأولى فزارةُ أولى فزارا
ولو أدركتهم أمرَّتْ لهم
من الشرِّ يومًا مُمَرًّا مُغارا
أبرنَ نُميرًا وحيَّ الحبيش
وحيَّ كِلابٍ أبارتْ بوارا[31]



فالدمغ هو الجبل، وجلَّل: غطَّى؛ أي: كأنهم غطَّوا الجبل بجيشهم مثلما تغطِّي الفتاة وجهها بالخمار، وفي البيت الأخير شاهدٌ آخر وهو دار البوار؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ [إبراهيم: 28].



وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

وتُدني النصيفَ على واضحٍ
جميلٍ إذا سَفَرَتْ عنه حُر[32]
أي: إنها تغطِّي وجهها الجميل الأسيل بالنصيف.



وقال كثيِّر عزة:

وتُدني على المتنين وَحْفًا كأنه
عناقيدُ كرمٍ قد تدلَّى فأنعما[33]


وَحْف: أسود؛ أي: شعر أسود، أنعم: أمعن في الطول والتدلِّي، وفي الشطر الثاني شاهد آخر على قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم: 7 - 9].



ويرادفه الإمالة كما قال الكميت الأسدي:

ولم ألقَه بدَثورِ الضحى
أمال السُّباتُ عليه الدِّثارا[34]
فالدثار هو اللباس فوق الشعار، ومنه المدَّثر، فأماله السُّبات عليه؛ أي: غشيَه به، والسبات ما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ﴾ [النبأ: 9].



وكذا الإرخاء؛ كما قال امرؤ القيس:

وليلٍ كموج البحر أرخى سدولَه
عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي[35]
والسُّدُول هي الستور.



وأما الجلباب (جمعه: الجلابيب)، فهو رداء يُلبَس فوق اللباس العادي؛ ليغطِّيَ به ما ظهر من أعضاء الجسد، أو ما أمكن أنْ يظهر، ومن هنا عمَّ استخدامه لكل ما يغطِّي العورة، حتى إنه استُعير به العورة؛ قال الأعشى الكبير في جارية من بنات الملوك:

تنازعني إذ خلتْ بردَها
مُفضَّلةً غيرَ جلبابها[36]


وقال الأعشى أيضًا:

فبتُّ أزجي ليلَ التمام
تَبَطَّنَ من تحتِ جلبابيه
فلما جلى الصبحُ جُنْحَ الظلام
رواسي كواكبها التاليه[37]


وقال ابن مقبل:

لبستْ جلابيبَ الحرير وخدَّرتْ
بالريط فوق نواعِجٍ وجِمال[38]


وقال مُزَرِّد بن ضِرار الذبياني:

أملحُ الخَلقِ إذا جرَّدتها
غيرَ سِمطين عليها وسُؤُر
لحسبتَ الشمسَ في جِلبابها
قد تبدَّتْ من غمامٍ مُنسَفِر
صورةُ الشمس على صورتها
كلَّما تغرب شمسٌ أو تذر[39]


ويلمح من البيت الأول أنَّ زوج النعمان التي سمِّيت مجرَّدة قد أعطيت هذا الاسم؛ لأنها كانت تجلس بدون الجلباب، وفي البيت الأخير تشبيه مقلوب، وكذا يثبت أنَّ النصيف غير الجلباب؛ كما في قول النابغة الذبياني:

سقط النصيفُ ولم ترد إسقاطَه
فتناولتْه واتَّقَتْنا باليدِ[40]
فقد جلسن في الهودج وعلى أجسادهن جلابيب، وخدَّرت: أي: جعلن الهودج بالملاءة، والنواعج: السِّراع من النوق والإبل.



وقال تأبط شرًّا:

وأدهمَ قد جبتُ جلبابَه
كما اجتابت الكاعبُ الخيعلا[41]
إلى أنْ حدا الصبح أثنائه
ومزَّق جلبابه الأليلا[42]


وقال علقمة الفحل:

يعدو به سابحٌ نهدٌ مراكله
مُجَلَّبٌ بسواد الليل جِلبابا[43]

وقال الأعشى الكبير:

هِركُولةٌ مثل دعصِ الرمل أسفلُها
مكسوَّةٌ من جَمالِ الحسنِ جلبابا[44]


قال أبو زيد:

مجلبب من سواد الليل جلبابًا[45]

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

"معاشر المسلمين، استشعروا الخشية، وتحلببوا السكينة"[46]، وقال: وتجلبَبَ الخوفَ"[47].



وكذا يبدو من الأبيات التالية أنَّ الجلباب يغطِّي الوجه أيضًا؛ فقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

قالتْ سُعَيدةُ والدموعُ ذوارفُ
منها على الخدَّينِ والجلباب[48]


وقال الشماخ بن ضرار الشيباني:

وترفع جِلبابًا بعبلٍ موشَّمٍ
يكُنُّ جبينًا كان غيرَ مُشَجَّج[49]
قال الشارح في معنى البيت: "أنها تتقي من تخاف وقوع نظره عليها بيدها وخمارها وجلبابها"[50].



وقال حميد بن ثور الهلالي:

حتى اكتسى الرأسُ قناعًا أشيبا

أملحَ لا لذًّا ولا مُحَبَّبا

أكرهَ جِلبابٍ إذا تُجُلبِبَا[51]



وقال الفرزدق:

إذا حُسِرَتْ عنها الجلابيبُ وارتدتْ
إلى الزوج ميَّالًا يكادُ يصورها[52]


وقال جرير:

من كلِ حَنكَلَةٍ[53] ترى جلبابَها
فَروًا وتقلِبُ للعباءة نيرا[54]


وقال الأخطل:

إذا جاء سربٌ من نساء يَعُدْنَها
تَعَرَّيْنَ إلا من جلابيبَ أو خُمر[55]
يعدْنها؛ أي: يزُرْنَ للتعزية.



وشعر كُثَيِّر عزة أبْيَنُ في تحديد أنَّ الجلباب ما يغطِّي الوجه كذلك؛ كما قال:

واجرةٍ يا عزَّ يلتفُّ حرُّها
برُكبانها من حيث ليِّ العمائمِ
نصبتُ لها وجهي وعزَّةُ تتقي
بجلبابها والسِّتر لفحَ السمائمِ[56]


وقال سلامة بن جندل:

تُجري السواكَ على غُرٍّ مُفَلَّجةٍ
لم يغذُها دَنَسٌ تحت الجلابيبِ[57]


وقال أعشى همدان:

فقد تركوا الأهلينَ والمالَ خلفهم
وبيضًا عليهنَّ الجلابيبُ خُرَّدا[58]


وقالت جنوب:

تمشي النسور إليه وهي لاهيةٌ
مشيَ العذارى عليهنَّ الجلابيبُ[59]


وقال رؤبة بن العجاج:

والأمرُ يُقضى في الشقا للخُيَّاب

بل بلدٍ ذي صُعُدٍ وأصياب[60]

يُخشَى مَراديه وهجْرٍ ذوَّاب[61]

أشهبَ ذي سُرادق وجِلباب[62]



وقال قيس بن الحطيم:

كأنَّ القَرَنْفُلَ والزنجبيل
وذاكيَ العبير بجلبابها[63]


وقال جرير يصف الخيل:

تخدِي بنا نُجُبٌ أفنى عرائكَها
خِمسٌ وخِمسٌ وتأويبٌ وتأويبُ[64]




حتى اكتستْ عرقًا جَونًا على عرقٍ
يُضحي بأعطافها منه جلابيبُ[65]
وقال ذو الرمة:



إذا اكتستْ عرقًا جَونًا على عرقٍ
يُضحي بأعطافها منه جلابيبُ[66]
وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

مرَّ بي سِربُ ظباءِ
رائحاتٍ من قباءِ
زُمُرًا نحو المُصلَّى
مُسرِعاتٌ في خلاءِ
فتعرَّضتُ وألقَيْ
تُ جلابيبَ الحياءِ[67]


ولقد استعار منها الراعي فأبدع معنى جديدًا؛ فقال:

إني أقسِّمُ قدري وهي بارزةٌ
إذ كلُّ قدرٍ عروسٌ ذاتُ جلبابِ[68]
فبدا من هذه الشواهد أنَّ الجلباب غطاء من ثوب للجسد، ومنه الوجه خاصة.



وقال القتَّال الكلابي لما احتجب في حجلة ابنة حبيب بن جبَّار بن سلمى مخافة بعث مروان:

ألا هل أتى فتيانَ قومي أنني
تسمَّيتُ لما اشتدَّتِ الحربُ زينبا
وأدنيتُ جلبابي على نبتِ لحيتي
وأبديتُ للقوم البنان المخضَّبا[69]


وكان العرب يعتبرون الحجاب ما تفتخر به النساء؛ فقال عنترة بن شداد العبسي:

فخرُ الرجال سلاسلٌ وقيودُ
وكذا النساءُ بخانقٌ وعقودُ[70]
بخنق جمعه بخانق: قناعٌ يغشى عنق المرأة وصدرها.



وقالت الشاعرة الجاهلية صفية بنت ثعلبة الشيبانية، معتبرة الجلباب دليلًا على شرف المرأة وعزتها؛ فقالت:

المجدُ والشرفُ الجسيم الأرفعُ
لصفيَّةٍ في قومها يُتَوَقَّعُ
ذاتِ الحجابِ لغيرِ يومِ كريهةٍ
ولدى الهياج يُحَلُّ عنها البرقعُ
نطقاءُ لا لوصالِ خلٍّ نطقُها
لا بل فصاحتَها العوالي تسمعُ[71]


كما كانوا يذمون الفتاة التي تمشي بدون الجلباب؛ فقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي:

قالت لذاك لها فتاةٌ عندها
تمشي بلا إتبٍ ولا جلبابِ[72]


ويعير الكميت الأسدي خصومه فيقول:

ولا يُدنين من خفرٍ حياءً
على أعقابهنَّ إذا رُمينَا[73]


وبالجملة فبدا من دراسة هذه الشواهد أنَّ معنى الآية: ﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 59] ليست سوى أنْ تغطِّيَ النساء وجوههنَّ بالجلباب، فالقول بأنَّ الوجه لا يدخل فيما تجب تغطيته صادر عن قلة ممارسة كلام العرب.



المصادر والمراجع:

1- القرآن الكريم.

2- ديوان ابن مُقبِل، تحقيق: د. عزة حسن، دار الشرق العربي، بيروت، لبنان، 1995م.

3- ديوان أعشى همدان، تحقيق: د. حسن عيسى أيو ياسين، دار العلوم للطباعة والنشر، الرياض، ط1، 1983م.

4- ديوان الأخطل، شرح: مهدي محمد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1994م.

5- ديوان الأصمعيات، تحقيق: أحمد محمد شاكر وعبدالسلام هارون، دار المعارف بمصر، ط3.

6- ديوان الأعشى الكبير بشرح محمود إبراهيم محمد الرضواني، وزارة الثقافة والفنون والتراث، إدارة البحوث والدراسات الثقافية، الدوحة، قطر، 2010م.

7- ديوان الشماخ بن ضرار الشيباني، تحقيق وشرح: صلاح الدين الهادي، دار المعارف بمصر، د.ت.

8- ديوان الفرزدق، شرح الأستاذ علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1987م.

9- ديوان القتَّال الكِلابي، تحقيق وتقديم: إحسان عبَّاس، دار الثقافة، بيروت، لبنان، 1989م.

10- ديوان الكميت بن زيد الأسدي، جمع وشرح وتحقيق: د. محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت، ط1، 2000م.

11- ديوان المفضليات للمفضل الضبي، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر وعبدالسلام محمد هارون، دار المعارف، ط6.

12- ديوان النابغة الذبياني بشرح وتقديم: عباس عبدالساتر، دار الكتب العلمية، بيروت، 1996م.

13- ديوان الهذليين، الجمهورية العربية المتحدة، الثقافة والإرشاد القومي، طبعة دار الكتب، بيروت، 1996م.

14- ديوان امرئ القيس، ضبطه وصحَّحه: الأستاذ مصطفى عبدالشافي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004م.

15- ديوان تأبط شرًّا وأخباره، جمع وتحقيق وشرح: علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1984م.

16- ديوان جرير، دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1986م.

17- ديوان حاتم الطائي، شرح: أبي صالح يحيى بن مدرك الطائي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1994م.

18- ديوان حميد بن ثور الهلالي، صنعة: الأستاذ عبدالعزيز الميمني، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1951م.

19- ديوان ذي الرمة، تقديم وشرح: أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1995م.

20- ديوان زهير بن أبي سلمى، شرح وتقديم: الأستاذ علي حسن فاعور، دار التب العلمية، بيروت، ط: 1، 1988م.

21- ديوان سلامة بن جندل، صنعة: محمد بن الحسن الأحول، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1987م.

22- ديوان عبيد بن الأبرص، بشرح: أشرف أحمد عدرة، دار الكتاب العربي، بيروت، 1994م.

23- ديوان عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر.

24- ديوان قيس بن الحطيم، تحقيق: د. إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب، مطبعة العاني، بغداد، ط1، 1962م.

25- ديوان كُثَيِّر عَزَّة، جمع وشرح: د. إحسان عبَّاس، دار الثقافة، بيروت، لبنان، 1971م.

26- ديوان مسكين الدارمي، جمع وتحقيق: عبدالله الجبوري وخليل إبراهيم العقبة، مطبعة دار البصرى، بغداد، ط:1، 1970م.

27- شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، جمع وترتيب: بشير يموت، المطبعة الوطنية، ط1، 1934م.

28- شرح ديوان الحماسة، كتب حواشيه: غريد الشيخ، وضع فهارسه العامة: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، 2000م.

29- شرح ديوان رؤبة بن العجاج، تحقيق: د. ضاحي عبدالباقي محمد، جمهورية مصر العربية، مجمع اللغة العربية، ط1، 2011م.

30- شرح ديوان عنترة بن شداد العبسي، للعلامة التبريزي، دار الكتاب العربي، ط1، 1992م.

31- شعر الراعي النميري وأخباره، جمع وتقديم وتعليق: ناصر الحاني، دمشق، 1964م.

32- علقمة الفحل، شرح ديوان علقمة الفحل للسيد أحمد صقر، المطبعة المحمودية، القاهرة، ط1، 1935م.

33- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري، دار المعرفة، بيروت، ط3، 2009م.

34- مختارات شعراء العرب لهبة الله بن علي أبي السعادات العلوي المعروف بابن الشجري، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط1، 1992م.

35- نهج البلاغة، ضبط نصه وابتكر فهارسه العلمية، دار الكتاب المصري، القاهرة، ط4، 2004م.


[1] مدير تحرير المجلة وأستاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، الجامعة الملية الإسلامية، نيودلهي.

[2] ديوانه، ص 57.

[3] ديوان الأصمعيات، ص 54-55، تشعب الفتيان: تفرقهم وتهلكهم وهي المنية، ومن هنا تسمَّى "شعوب".

[4] القذف: الرمي من كل شيء، السهم والحجارة والكلام، الرجام: الرمي بالحجارة، الصوادم: التي تتصادم في الحرب.

[5] شرح ديوانه، 3/17.

[6] شرح ديوانه، 3/130، النَّكد: الشُّؤم وكل شيء جرَّ على صاحبه شرًّا، والنُّكد جمع أنْكَد.

[7] ديوانه، ص 52، ريَّان: اسم موضع، الهوج: بقر الوحش أو النوق، الرَّبرب: قطيع من بقر الوحش وقيل من الظباء، نيَّان: اسم موضع.

[8] ديوانه، ص 205.

[9] شرح ديوان الحماسة، 1/669.

[10] ديوان الأصمعيات، ص 184.

[11] ديوانه، ص 267، الخوافق: الرايات الخافقة، معتبط الغبار: مثاره.

[12] ديوانه، ص 363-364، المقحم سيره: الذي يُزجي الإبل ويدفعها بقوة، المزحفات: التي تكاد تزحف من الإعياء، الضلع: التي تمشي عرجًا من كلالها وتعبها.

[13] ديوانه، ص 611، النصُّ: السير، اليعملات (جمعُ يعملة): الناقة المجدَّة في سيرها، الرواسم: ضرب من السير.

[14] سبحلي: وعاء كبير.

[15] ديوانه، ص 68.

[16] ديوان المفضليات، ص 240.

[17] شرح ديوان الحماسة، 2/955، طوي البطن: صغيره، الممشوق: الطويل القليل اللحم، شرجب: طويل.

[18] قُبٌّ جمعُ أقب: ضامر الخاصرتين، جناب: ناحية، فيلق: كتيبة ضخمة العدد والعدة.

[19] ديوانه، ص 134.

[20] الأرض اللينة.

[21] ديوانه، ص 142.

[22] ديوانه، ص 160، أروى: حبيب الشاعر، مقتلة: ناقة، ناكت: جرح، وزور: ميل عن المكان.

[23] ديوانه، 2/729.

[24] ديوانه، ص 110.

[25] ديوانه، ص 55.

[26] ديوان الأصمعيات، ص 74.

[27] ديوانه، ص 150.

[28] ديوانه، ص 100.

[29] ديوانه، ص 369.

[30] ديوان الهذليين، 3/3.

[31] ديوان المفضليات، ص 413.

[32] ديوانه، ص 300.

[33] ديوانه، ص 134.

[34] ديوانه، ص 148.

[35] ديوانه، ص 117.

[36] ديوانه، 2/410.

[37] ديوانه، 2/730.

[38] ديوانه، ص 187.

[39] ديوان المفضليات، ص 92.

[40] ديوانه، ص 107.

[41] الخيعل: القميص الذي لا كمَّ له، وفي حماسة ابن الشجري (1/178): ثوب تبتذله المرأة كالبقيرة، الأدهم: الليل، جبته واجتبته: لبسته ودخلت فيه.

[42] ديوانه، ص 164.

[43] ديوانه، ص 13.

[44] ديوانه، 2/640.

[45] تفسير الكشاف، ص 864.

[46] نهج البلاغة، ص 97.

[47] المصدر نفسه، ص 118.

[48] ديوانه، ص 28.

[49] ديوانه، ص 75.

[50] ديوان الشماخ بن ضرار الشيباني، ص 75.

[51] ديوانه، ص 61.

[52] ديوانه، ص 313.

[53] الدميمة السوداء والجافية.

[54] ديوانه، ص 225.

[55] ديوانه، ص 145.

[56] ديوانه، ص 450.

[57] ديوانه، ص 226.

[58] ديوانه، ص 104.

[59] ديوان الهذليين، 3/125.

[60] أصياب جمعُ صيب: وهو تصوُّب نهر أو طريق يكون في حدور.

[61] المرادي من الردى: المهالك، الهجر: شدة الهاجرة والحرِّ، أشهب: شديد البياض من لون السراب كأنَّ عليه سرادقًا وجلبابًا.

[62] شرح ديوانه، 3/245.

[63] ديوانه، ص 48.

[64] تأويب: أنْ يمشي القوم طول النهار وينزلوا في الليل، جون: أسود.

[65] ديوانه، ص 35.

[66] ديوانه، ص 23.

[67] ديوانه، ص 22.

[68] ديوانه، ص 42.

[69] ديوانه، ص 35.

[70] ديوانه، ص 56.

[71] شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام، ص 24.

[72] ديوانه، ص 73.

[73] ديوانه، ص 460.

سمو الروح
06-21-2022, 09:43 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمتي ,,,,

محروم
07-03-2022, 05:58 PM
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

شيخة الزين
07-03-2022, 08:33 PM





طرٍح رٍآئع كَ ع ـآدتك ...
يتمـآيل آليـآسمين شذى بجمـآل متصفحك ..
ؤتترٍآقص آلـ ؤرٍؤد متعطرة برٍؤعة مَ طرحته أنـآملك
لرٍؤحك أطيب آلـ ؤرٍد ؤأكـآليل آلـ زهرٍ

معطرٍة برٍقةرٍؤحك

https://upload.3dlat.com/uploads/13612773802.gif





غرام الحب
07-15-2022, 08:36 PM
طرح ممُيَّز جِدَاً وَرآِئعْ
تِسَلّمْ الأيَادِيْ
ولآحُرمِناْ مِنْ جَزيلِ عَطّائك
دُمتْ ودامَ نبضُ متصفحك
متوهّجاً بِروَعَةْ طرحكم

ورد
07-24-2022, 12:23 PM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك

أمير المحبه
07-29-2022, 05:42 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

نقاء المطر
05-25-2023, 08:17 PM
يعطيك العافية على الطرح
سلمت يدآك ..
ما ننحرم من تواجدك و جديدك ..

عاشق الليل
08-16-2023, 02:12 PM
..




جزاك الله خيرا
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك
دمت بكل خير
http://www.raaw9.com/up2/uploads/168806703524831.png

سمير العباسي
09-20-2023, 04:42 AM
http://up.anin-ro7.com/do.php?img=6527