المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أتى شهر الخيرات


نبض المشاعر
03-15-2024, 12:56 PM
الحمدُ لله العزيز الغفور، العليِّ الشكور، شرع الصوم لتعظُم التقوى في الصدور، وأجزل للصَّائمين الأجور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدالله ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وصَحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد:
فأوصيكم ونفسي بالتقوى، فهي الزادُ لدار القرار، والشكر لنعم الباري الغِزَار.

أيها الصائمون الكرام، كلَّما لاح هلالُ رمضان أعاد إلى المسلمين أيامَ دهرهم المباركات، وما يكون فيها من النفحات، شهرٌ ينطلق فيه الصائمون إلى آفاقِ النقاء، ويمسحون فيه عن جبينهم وعثاءَ الحياة، يَستقبله المسلمون وله في نفوس المؤمنين بهجة، وفي قلوب المتقين فرحة.
أَتَى رَمَضَانُ مَزْرَعَةُ الْعِبَادِ الخيرات
لِتَطْهِيرِ الْقُلُوبِ مِنَ الْفَسَادِ الخيرات
فَأَدِّ حُقُوقَهُ قَوْلاً وَفِعْلاً الخيرات
وَزَادَكَ فَاتَّخِذْهُ لِلْمَعَادِ الخيرات
وَمَنْ زَرَعَ الْحُبُوبَ وَمَا سَقَاهَا الخيرات
تَأَوَّهَ نَادِمًا يَوْمَ الْحَصَادِ الخيرات


الصيام سرٌّ بين الخالق والمخلوق يُحقِّق العبدُ فيه درس الإخلاص؛ لينطلقَ به إلى سائر العبادات بَعيدًا عن الرياء، فيه صبرٌ على حمأة الظمأ، ومرارة الجوع، جزاؤهم بابٌ من أبواب الجنة لا يدخله غيرهم، فيه تذكيرٌ بحال الأكباد الجائعة من المساكين والمقتِرين، يستوي فيه المعدم والموسر، كلهم صائم لربِّه، مستغفر لذنبه، يُمسكون عن الطعام في زمن واحد، ويفطرون في آنٍ واحد، يتساوَون طيلةَ نهارهم بالجوع والظمأ؛ ليتحقَّق قولُ الله في الجميع: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].

وليالي هذا الشهر تاج ليالي العام، فيها تصفو الأوقات، وتَحلو المناجاة، النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))؛ رواه مسلم وأصحاب السنن مرفوعًا، وصححه الألباني، ((مَن صلى مع الإمام حتى ينصرفَ، كتب له قيام ليلة))، فاحرص - رعاك الله - على أدائها؛ لتدرك فضلها.
ومن لم يصبر نفسَه على طاعة ربه، ويوطِّنها على مَحبَّته، ابتُلي بتصبيرها على المعاصي وذلها.

أيها الفضلاء، رمضانُ فرصَة لإحياءِ القلب وإيقاظِه من غفلتِه ورَقدته وتغذِيَةِ الإيمان "مَحبة لله ورجاء له وخوفًا منه"، رمضان محطة للتزود من خصال التقوى، في رمضان فرص ثَمينة لتقوية الصِّلَة بالله والقرب منه.

الصيام يُصلح النفوسَ، ويدفع إلى اكتساب المحامد، والبُعد عن المفاسد، به تُغفر الذنوب، وتكفَّر السيئات، وتزداد الحسنات؛ يقول المصطفى - عليه الصلاة والسلام -: ((من صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متفق عليه، وعند البخاري مرفوعًا: ((من لم يدَع قولَ الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدعَ طعامه وشرابه)).

رمضان شهر الطاعة والبر والإحسان، والمغفرة والرحمة والرضوان؛ يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا دخل رمضان، فتِّحت أبواب السماء، وغلِّقت أبواب جهنم، وسُلسِلت الشياطين))؛ متفق عليه.

وعند الترمذي وابن ماجه مرفوعًا وصححه الألباني: ((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مُنادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة))، فالذي يصفد مردة الجن، أمَّا شياطين الإنس، فهم على حالهم لا يصفدون، فاحذرهم.

أيها الصائمون، تنشط القنوات الفضائية التافهة والساقطة في رمضان، كما هو ملاحظ بشكل عجيب، ويتساءل المرء: ما علاقة رمضان الذي هو شهر العبادات وله وضع خاص في العقيدة الإسلامية بالإنتاج الفني والدرامي والترفيهي؟ والأدهى والأَمَر إذا كان في هذه البرامج نشر العري والخنا وما يؤدي إليه، فاحرص - أيها المبارك - على حفظ أجرك، وقدِّم لنفسك بشغل وقتك في الخير والطاعات، وعلى الأقل لا تُمضيه فيما هو عليك.

إخوة الإيمان، إنَّ رمضانَ مدرسة تربوية يتدرب فيها المسلم المؤمن على تقوية الإرادة في تعظيم الحرمات، والتسليمِ لحُكم رب الأرض والسموات، يُحقِّق المسلم بذلك التقوى التي أرادها الله من صيام هذا الشهر؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

إنَّ شهر رمضان فرصة عظيمة للوقوف مع النفس ومُحاسبتها لتصحيح ما فات، واستدراك ما هو آت، لا سيما أنَّه في هذا الشهر قد صفدت شياطين الجن، فلنحذر ما حَرَّم الله ورسوله من المعاصي والمنكرات، ولنزدد - رعاك الله - مُحافظةً على الفرائض والواجبات، وإكثارًا من فعل السنن والمستحبات، فإنَّ الحسنات يذهبن السيئات.

نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة، وبما صرَّف فيهما من الآيات والحكمة، واستغفروا الله إنَّه كان غفارًا.

الخطبة الثانية
الحمد لله الموفِّق المعين، إيَّاه نعبد وإياه نستعين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

أمَّا بعد:
فإليك - أخي المبارك - وقفات سريعة لطيفة مع هذا الحديث الإلهي، الذي أخرجه الشيخان؛ يقول الله - عزَّ وجلَّ -: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، هو لي وأنا أجزي به))، وفي لفظ عند مسلم: ((كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله - عزَّ وجلَّ -: إلاَّ الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به؛ يدع شهوته وطعامه من أجلي)).

الوقفة الأولى: أن أن هذا الاستثناء: ((إلاَّ الصوم)) تفيد التشريف لهذه العبادة الكريمة.
الوقفة الثانية: أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - أضاف الجزاء إلى نفسه الكريمة، والعطيةُ على قدر مُعطيها، والله - سبحانه وتعالى - غني كريم جواد، فأحسن أداء هذه الفريضة؛ إذ ليس الصيام إمساك عن الأكل والشرب فقط؛ ((من لَم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه))، كما عند البخاري.
الوقفة الثالثة: تساؤل: لماذا خُصَّ الصوم من سائر العبادات؛ ((إلاَّ الصيام، هو لي وأنا أجزي به))، مع أن العبادات كلها يتقرب بها إلى الله؟ وجوابًا عن ذلك يقال: تعددت أقوال أهل العلم، ومن أقوى ما قيل في ذلك:

إنَّ الصوم هو العبادة التي لم يتقرب بها إلى أحد من الخلق بخلاف غيرها، فقد وُجِدَ مَن يُصلي ويدفع الأموال ويذبح ويدعو غَيْرَ الله، أمَّا الصوم فلا يدخله شرك بخلاف سائر الأعمال، ولم يذكر أنَّ المشركين كانوا يصومون لأوثانهم ولمعبوداتهم، فالصوم إنَّما هو خاص بالله - عزَّ وجلَّ - وقيل: لأنَّ أعمال بني آدم يجري فيها القصاص ويأخذها الغرماء يومَ القيامة، الذين ظلمهم في الدنيا، إلاَّ الصيام فإن الله يحفظه ولا يتسلط عليه الغرماء، ويكون لصاحبه عند الله - عزَّ وجلَّ - ويدل على هذا حديث: ((كل عمل ابن آدم له كفارة إلاَّ الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به))؛ رواه البخاري.

وقيل: إنَّ الصوم عمل باطني لا يعلمه إلاَّ الله - سبحانه وتعالى - فهو نية قلبية بخلاف سائر الأعمال، فإنَّها تظهر ويراها الناس، أمَّا الصيام، فإنَّه عمل بين العبد وبين ربه - عزَّ وجلَّ.

ميرا
03-15-2024, 02:16 PM
بوركت جهودك الله يعطيك الف عافية
على الطرح الرائــــع كروعتك
والراقي كرقيك

محروم
03-15-2024, 02:59 PM
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

اشراق
03-16-2024, 10:08 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
لك خالص احترامي

خلود المشاعر
03-18-2024, 11:18 AM
الله يعطيك العافية
على ابداعاتك وتميزك المتواصل
بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
دمت ودام لنا وجودك
لروحكك اكاليل الورد،

دلع
03-18-2024, 05:19 PM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك .

الامل الذهبي
03-18-2024, 11:26 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

نبض المشاعر
03-19-2024, 02:14 PM
كل الشكر لمرورك الراقي ميرا

نبض المشاعر
03-19-2024, 02:14 PM
كل الشكر لمرورك الراقي دلع

نبض المشاعر
03-19-2024, 02:14 PM
كل الشكر لمرورك الراقي الامل الذهبي

نبض المشاعر
03-19-2024, 02:14 PM
كل الشكر لمرورك الراقي محروم

نبض المشاعر
03-19-2024, 02:14 PM
كل الشكر لمرورك الراقي اشراق

نبض المشاعر
03-19-2024, 02:15 PM
كل الشكر لمرورك الراقي خلود المشاعر