المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسرار البسملة الدلالية وخصائصها الدينية


ميرا
01-13-2024, 01:00 PM
أسرار البسملة الدلالية وخصائصها الدينية



فظة لُغويَّة تحتوي عجائبَ دلالية ومضامين دينية وافرة، تستحقُّ منا التفكير فيها، وتحليلها تحليلاً دلاليًّا مُثمِرًا علمًا ومعرفة.
قَسَمٌ من الله تعالى أنزله عند رأس كل سورة، وخصَّ به هذه الأمة بعد سليمان عليه السلام، وقد دلَّت على ذات الله تعالى وصفاته، وينبغي لكل مسلم أن يرتبط بها في كل حركة من حركاته؛ فهي مفتاح كل خير، يقول جعفر الصادق: "البَسملة تِيجانُ السور".
وفي تجرد البسملة من الفعل سرٌّ عجيب، حيث جاءت مباشرة بسم الله، لحِكَمٍ وأسرار، منها:
1- أن البسملة لا ينبغي أن يتقدَّم عليها غيرُ ذكر الله تعالى، ولو ذكر الفعل لكان خلافًا للمقصود؛ لذا حذف، كما في قولنا عند الدخول في الصلاة: الله أكبر.
2- في تجريد البسملة من الفعل إشارة إلى أن السامعَ أو المتكلم بالبسملة يُدعى إلى الاستغناء بالمشاهدة عن النطق بالفعل؛ إذ لا حاجة إليه؛ لأن المشاهدة دالَّةٌ على أن كلَّ فعل إنما هو بسم الله تعالى، والحوالة على شاهد الحال أقوى من الحوالة على شاهد النطق[1].
وجاء لفظ (بسم) مكونًا من ثلاثة أحرف، ومجرَّدًا كذلك من الألف، فلم يأتِ (باسم)؛ لأسرارٍ، منها:
1 - أن الألف شبيهة العصا التي يُستعان بها، فكأن اللفظ جاء مجرَّدًا منها؛ لخلوص الاستعانة والتوجُّه والتوكل، فأراد الله تعالى أن تُجرَّد الكلمة (بسم) منها.
2 - أن الألف في (باسم) علامتُها همزة وصل، وصفة همزة الوصل النقصُ والكسر والضعف، ومنه الهُمَزَة؛ أي: العياب، يقال: حرف مهموز؛ أي: مكسورٌ، وقد حذفت همزة الوصل من الكلمة فجاءت سليمة مجردة (بسم).
وسبب تجريد الكلمة (بسم) أيضًا من همزة الوصل (باسم) اقترانُها بلفظ الجلالة (الله)؛ فكلمة (اسم) إذا بدأت بحرف الباء، وارتبطت بلفظ الجلالة، يجب حذف همزة الوصل، فنقول: (بسم الله) وإذا بدأت بالباء، وقُرنت بغير اسم الجلالة يجب إلحاق همزة الوصل، مثال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1].
الارتباط بالبسملة:
ندَب الشرع إلى ذكر البسملة في أول كل فعل؛ كالأكل، والشرب، والنوم، والجِماع، والطهارة، وركوب البحر؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ [هود: 41]، وقال تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 118].
وقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: ((سَمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك))؛ رواه البخاري، باب التسمية، 458، ومسلم كتاب الأشربة 2022.
فهذا النصُّ وغيره من النصوص يشير إلى ضرورة الاتباع وتجنُّب الابتداع؛ لأن في الاتباع إثباتًا وكشفًا عن أن المؤمن يَثِقُ بالرسول صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، كما أنه يرضى بما رَضِيه الله تعالى لنا.
والابتداع يكشف عن أن المبتدع يرى أن ما يأتي به هو الكمال وهو الأحسن، فكأنه يقول: لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء به لكان أكمل وأحسن، فهذا التوجيه والتأويل إنما يَصدرُ ممن اتَّبع هواه، وأُعجب برأيه، فقد أخبرنا الله تعالى أن مَن اتَّبع هواه، فإنه يُضلُّه على علم، فالنجاة في الاتباع، والهلاك في الابتداع؛ فالابتداع والزيادة من أعظم أسباب سوء الخاتمة؛ لذا ينبغي الحذر من فعل البدعة، أو الرضا بها وعدم بغضها، كما ينبغي الحذر من التهاون بالسنة الشريفة، أو الاستهزاء بها؛ فقد روى أبو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال له الرسول: ((كُلْ بيمينك))، قال: لا أستطيع، قال: ((لا استطعتَ، ما مَنَعه إلا الكِبْرُ!)) فما رفعها إلى فِيه؛ رواه مسلم في الأشربة 3 م 1599 رقم 2021.
وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل لتركه للسُّنة بدافع الكِبر، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم بُعِث رحمةً للعالمين، ولم يدعُ على مسلم قطُّ؛ وإنما دعا على هذا الرجل لإتيانه بعمل يستحق عليـه الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم، ورُوِي أن رجلاً من النصارى كان في المدينة إذا سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: حُرِق الكاذب؛ فسقَطَتْ شرارةٌ من نار على فراشه من الخادمة وهو نائم مع أهله، فأحرقتهم جميعًا؛ فكانت عبرةً للخلق، والبلاء موكل بالمنطق[2].
وقد كنت في مجلس أُذكِّرُ بهَدْيه صلى الله عليه وسلم في الأكل والشرب، ودخول الخلاء، فقام رجل وأدَّى برجله حركة يُعبِّرُ بها عن الدخول والخروج، والجلوس لقضاء الحاجة قائلاً: المهم أن يقضي الحاجة، باليمين بالشمال ليس مهمًّا! قال ذلك على سبيل النكتة والسخرية، فما هي إلا أيام حتى أُصيب بمرض فقُطِعتْ رِجْلُه.
والمتأمل في النصوص السابقة وغيرها يرى تحديد صيغة البسملة بلفظ: بسم الله، إلا في قراءة القرآن والمراسلات، كما ورد في رسالة سليمان عليه السلام إلى ملكة سبأ؛ حيث جاءت البسملة كاملةً.
أما في حالات دخول البيت والخروج منه، وركوب الدابة، واللباس، والرقية، والأكل والشرب، والنحر، ودخول الخلاء، ورمي الجمرات... إلخ - فإن السُّنة قد جاءت بلفظ محدَّدٍ ينبغي الاقتصار عليه، وعدم الزيادة فيه، فعند الطعام يقول المسلم: بسم الله، وعند الركوب: بسم الله، كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ [هود: 41]، وعند الوضوء: بسم الله ... ولعل السرَّ في تخصيص لفظ الجلالة (الله) هنا بالبسملة دون بقية الأسماء، والاقتصار عليه - أن لفظ الجلالة إذا ذُكِر جمَعَ في معناه جميعَ الأسماء والصفات، فعندما تقول: بسم الله، كأنك قلت: باسم الرحمن، والرحيم، والعليم، والسميع، والرزاق... إلخ، أما إذا قلت: باسم الرحمن مثلاً، فلا تكون الاستعانةُ أو البداية إلا بالرحمن فحسب، وكذا إذا قلتَ: باسم الرحمن الرحيم، فقد قيَّدت الابتداء والاستعانة بالرحمن الرحيم، فلفظ الجلالة اسمٌ جامع لجميع الأسماء والصفات، وهذا من خصائص لفظ الجلالة.
خصائص البسملة:
وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أثرَ البسملة بهذه الصيغة؛ وذلك أن المسلم إذا دخل بيته بيمينه، وأمسك بيده الباب وأغلقه قائلاً: بسم الله - بصدق - فإنه لا يضرُّه شيء، ولا يمكن أن يقترب من الباب شيء، وهكذا إذا غطَّى الإناء، وأطفَأ السِّراج، فإن لم يجد لإنائه غطاءً، وضع عليه عودًا، فإن لم يجد فليَمسح بيده، وليَقُلْ: بسم الله، فلا يضُره شيءٌ، وهكذا بقية أحوال العبد، فلا يضر مع اسم الله شيء.
تأمل الإشارة إلى هذا المعنى في حديثه صلى الله عليه وسلم: ((بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وهو السميعُ العليم))؛ رواه أبو داود في الأدب رقم 5088.
فالمسلم عندما يُحرِّكُ لسانه ببسم الله، فإن القلب يتنبَّهُ؛ ليُطلِقَ من نور الإيمان قوةً وأثرًا يندفع مع حركة نطق اللسان بالبسملة، فحينما يُغطِّي المسلمُ الإناءَ - مثلاً - ذاكرًا اسم الله، تترك البسملةُ أثرًا وسرًّا عجيبًا يمنع الله تعالى به الإناء، ويحفظه من كل أذًى وسوءٍ، وهكذا بقية الأشياء.
وهذا ليس بالعجب، ولا يُستنكَرُ؛ فهناك من صناعة الإنسان واكتشافاته ما يستخدمُه من إشعاعات لا تُرَى، يُسلِّطُها على غيره، فتُحدِثُ أضرارًا به، وقد تُميته دون أن تُشاهَد أو يشعر بها أحدٌ كأشعة الليزر.
وفي المقابل هناك من إشعاعات الشرِّ الممزوج بالخبث، والتي يصدرها قلب الحاسد، أو العائن عبر العين، فتترك أثرًا على المحسود قد يصل إلى الموت؛ لذا أمرنا الله تعالى أن نتعوَّذ به من شر الحاسد.
ومن الآثار العجيبة التي تتركُها البسملة على الأعيان ما أخبرنا به القرآن من جريان السفينة بنوح عليه السلام ومَن معه وسط موج وصفَه القرآن كأنه الجبال، وقد تفجَّرت الأرض عيونًا، وتفتَّحت أبواب السماء بماء منهمر، أما السفينة فتجري وترسو بإحرام "بسم الله" الذي حال دون غَرَقها؛ حيث لا يضرُّ مع اسم الله شيء.
ولنتأمل أثرَ البسملة في قصة الغلام الذي أراد الملِك أن يقتلَه، حيث دفعه إلى نفر من أصحابه، وأمَرهم أن يطرحوه من أعلى الجبل إن لم يرجع عن دينه، ولما صعدوا به الجبل، قال: "اللهم اكفنيهم بما شئت" فرجف بهم الجبل، فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابُك؟ قال: "كفانيهم الله"، ثم يأمر الملك أصحابه أن يلقوه وسط البحر، فيذهبون به، فيقول: "اللهم اكفنيهم بما شئت" فغرقوا جميعًا، وجاء يمشي إلى الملك، ويقول للملك: "إنك لن تقتلَني إلا في حالة واحدة، أن تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم تأخذ سهمًا من كنانتي، ثم تقول: بسم الله رب الغلام، ثم ارمِني، فإنك إن فعلتَ ذلك قتلتني"، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهمًا من كِنانته، ثم قال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه، فوقع السهم في صُدْغِه، فوضع يده موضع السهم، فمات، فقال الناس: آمَنَّا برب الغلام.
فتأمَّل أثر البسملة؛ حيث كشفت عن عجز الملك الذي لم يتمكَّن من قتل غلام بين يديه، أو السيطرة عليه، إلا بعد أن دلَّه الغلام على ذلك، بأن يقول عند رميه بالسهم: بسم الله رب الغلام، فظهر أثر البسملة، ومات بها الغلام، وزال مُلك الملِك، وكشف زيغه، وبطَل سحرُه، كما تركت أثرًا على الناس، حيث آمنوا جميعًا.
ومما يدلُّ على تأثير البسملة - أيضًا - هروبُ الشيطان منها عند التلفُّظ بها، فالشيطان أضعف ما يكون أمامَها، فقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يُولي هاربًا إذا سمعها، أو سمع الأذان وله ضراطٌ من شدة الخوف، وهذا يكشف عن قوة البسملة وأثرها العجيب في طرد الشيطان.

سمير العباسي
01-13-2024, 07:30 PM
http://up.anin-ro7.com/do.php?img=6527

انين الروح
01-13-2024, 07:59 PM






https://i.pinimg.com/originals/a9/12/c2/a912c22c03e7353824f2a4eb9b389aa7.gif
ألف شكر لك على هذا الطرح المميز
تسلم الانامل على الذوق الرفيع
و الابداع والتميز يعطيك الف عافية
ولا تحرميناا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
كوجودك المتواصل والجميل معنا
دمت ودام لنا تميزك
لروحك أكاليل الورد

مع تحياتي
انين الروح
https://i.pinimg.com/originals/11/0b/a7/110ba76422e8c06c313e5635c38226ef.gif





عاشقة ﺂلبڪاء
01-13-2024, 08:47 PM
سلمت الأنامل ويعطيك العافيه لروعة طرحك
إنتقاء ثريّ بالجمـال والروعــه
يعطيك ربي العافيه ويسعدك
بانتظارجديدك بكل شوق

رونق
01-13-2024, 09:21 PM
إنتقاء ثريّ بالجمـال والروعــه
سلمت الأنامل ويعطيك العآفيه لروعة طرحك
بانتظارجديدك بكل ش

اشراق
01-14-2024, 09:09 AM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
لك خالص احترامي

نبض المشاعر
01-14-2024, 09:49 PM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك

ميرا
01-14-2024, 10:31 PM
حضوركم ابهج روحي
جزيل الشكر وباقةة عطرة
..https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gifhttps://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gif

محروم
01-15-2024, 06:40 PM
يعَطَيَكَ اَلَعَآفَيَـهَ عَلَىَّ اَلَإنَتَقَآء اَلَرَوًّعَـهَ
شَكَرَاًَ لَكَ مَنَ اَلَقَلَبَ عَلَىَّ هَذآ اَلَمَجَهَُوًّدَ ,
مَاَأنَحَرَمَ مَنَ عَطَـآءكَ اَلَمَمَيَزَّ يََ رَبَ !
دَمَتَ بَحَفَظَ اَلَلَهَ وًّرَعَآيَتَهَ

دحومي
01-23-2024, 03:57 PM
ماشاءالله
طرح بمنتهى الروعه والجمال
سلـمت يمـيـنـك ..
وحفظك الرحمـن من كل مكـروه
كل الوود.

شيخة الزين
01-25-2024, 06:16 AM
https://i.pinimg.com/originals/20/bb/da/20bbda0fbb42221d0c88d624c4e640e6.gif

قَلبْ
05-16-2024, 12:02 PM
بارك الله فيك
و نفعنا واياك بما جلبت

أشواق
05-16-2024, 12:43 PM
جزاكك الله خير
طرح قيم
سلمت الايادي