المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإخلاص


محروم
12-03-2023, 03:02 PM
التوجُّه:
قال تعالى: ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ﴾ [الأنعام: 79].

التوجُّه إلى الله والإقبال عليه بكامِل الجسم والرُّوح من أعظم عَلامات المخلِصين حقَّ الإخلاص، ولكن لا بُدَّ من البَراءة من الشِّرك أولاً، والاعتراف بأنَّ ما سوى الله ليسوا بشيءٍ، ولا يستحقُّون عبادةً أبَدًا.

قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 75 - 82].

انظُر إلى أبينا إبراهيم - عليه السلامُ - كيف أوضح أنَّ الكواكب والقمر والشمس تأفل وتغيب؛ لأنَّ ذلك علامةٌ من علامات ضَعفهم، وتبرَّأ منهم كلهم، ووجَّه وجهَه إلى فاطِر السَّموات والأرض وحدَه، مُوحِّدًا حنيفًا مسلمًا لا يُشرِك بالله شيئًا.

ولذلك شُرع لنا في الصلاة أنْ نستفتِح بهذا الدُّعاء المأثور: ((وجَّهت وجهي للذي فطَر السَّموات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أوَّل المسلمين)).

ولا بُدَّ عند قِراءة هذا الذِّكر العظيم في الصلاة أنْ يستشعِر العبد المعاني العظيمة التي جاءت فيه، ليُقبِل بعد ذلك على صلاته بكامل التوجُّه والخشوع لله وحدَه.

وفي ذلك التوجُّه دروسٌ ومواصفات ينبغي ألاَّ ينحرف عنها العبدُ أبدًا، كما يلي:
1- معرفة ضَعف المخلوقين، فمَن لم يعترفْ بذلك حقَّ المعرفة ولم يتحقَّق باليقين، فسيغترُّ لا محالةَ بما يظهَر أمامَه من القوَّة الماديَّة، وبذلك يكونُ مخذولاً ومنزوعًا من هذا التوجُّه إلى الله المشار إليه، وكما رأيت لَمَّا بيَّن الخليل - عليه السلام - ضعفَ المحلوقين، تبرَّأ منهم كامل التبرُّؤ، وتوجَّه إلى الله حقَّ التوجُّه.

2- أنْ يقرَّ العبد بنفسه بالعبوديَّة في كلِّ سكناته وحرَكاته مستسلمًا لله وحدَه، أمَّا إذا استكبَر عن العبادة لله، فهو كافرٌ، وإذا استَسلَم لله ولغيره، فلا يمكن أنْ يتوجَّه إلى الله حقَّ التوجُّه ويُخلص لله العبادةَ وحدَه؛ قال تعالى في آخر سورة الأنعام: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، وبذلك تعلمُ بُطلان قول القائلين بفصل الدِّين عن الدولة، بل لا بُدَّ أنْ تكون حياة العبد المسلم ومماتُه لله وحدَه ربِّ العالمين، ويَنقاد لأوامر الله ونَواهيه كلِّها، فلا يأخُذ بعضَ الدِّين ويترُك بعضًا آخَر، فمَن فعَل ذلك فهو كافرٌ حقًّا؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 150، 151].

وقد بيَّن الله - سبحانه وتعالى - أنَّ كلَّ مَن اتَّخذ هذا السبيل المعوج والسياسي - كما يقولون - فهو الكافر حقًّا، ومرتدٌّ إنْ كان مسلمًا، كما هو منكرٌ لعبوديَّة الله - سبحانه وتعالى - وإخلاص دِينه والتوجُّه إليه حقَّ التوجُّه.

3- الاجتهاد في دفْع الوساوس التي قد تطرَأُ على العبد وتُخرِجُه عن جادَّة الطريق إلى الله؛ كأنْ يحب المدح الموجَّه إليه ويسترسل بهذا الثناء حتى يُوقعه في الإعجاب الممقوت وإرادة عمله للدنيا - والعياذ بالله - ولكن لا بأسَ أنْ يفرَحَ بالفضل والثَّناء الموجَّه إليه، ويرجع الفضل إلى الله وحدَه ويحمد ربَّه؛ لأنَّ ذلك يُفضِي إلى التواضُع والخشوع.

ثمرات التوجُّه إلى الله حقَّ التوجُّه:
1- التمكين في الأرض؛ قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [النور: 55].
وجاء في حديثٍ رواه قَبِيصة، عن سُفيان الثَّوري، عن أيُّوب، عن أبي العالية، عن أُبَيِّ بن كعب، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بَشِّرْ هذه الأمَّة بالسَّناء والرِّفعة في الدِّين والتَّمكين في البلاد، فمَن عمل منهم في الدنيا عملاً لا يريدُ به الآخِرة، فليس له في الآخرة نصيب))، رواه أحمد وابن حبان والحاكم.

2- إكرام الله لعبدِه المخلص في الدنيا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24].
أمَّا قصَّة يوسف - عليه السلام - مع امرأة العزيز، فمعروفةٌ مشتهِرة؛ لأنَّ يوسف - عليه السلام - كان من عباد الله المخلَصين، بل المرسَلين والأنبياء.

ولي صديقٌ ملتزِم قد أعيَتْه تكاليفُ الزواج، وقد خاف من العنت بشدَّةٍ، وعانَى منها كثيرًا، فتوجَّه إلى الله بالدعاء والتضرُّع، فأذهب الله عنه ما كان يجدُه بقُدرة الواحد المتعال، ويسَّر الله له الزواجَ بعد ذلك، حتى كانت أم البنت تُساعده في بعض الأحيان؛ قال تعالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، وذلك فضل الله يُؤتيه مَن يَشاء، فمَن توجَّه إلى الله حقَّ التوجُّه، فإنَّ الله ناصِرُه ولا يخذله.

3- قبول عمله؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، وكلُّ مَن عَمِلَ عَمَلَ الآخِرة للدنيا، فليس له في الآخرة من خَلاق؛ كما في الحديث الآنِف الذِّكر.

وتقتَضِي التقوى أنْ يتعلَّم العلمَ ليحذر وليتَّقي به، وأنْ يتورَّع عن الحرام، وأنْ يُخلص العبادة لله وحدَه - جلَّ جلالُه.

4- إكرام الله لعبدِه المخلص في الآخِرة بأعلى درجات الجنَّة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ﴾ [طه: 75].

شهد
12-03-2023, 05:34 PM
طرح عذب ..
طبت بتألقٍ وجمال دائماً
تقديري ومودتي ..

نورس
12-03-2023, 06:02 PM
كل الشكر لكـِ
ولهذا الموضوع الرائع
الله يعطيكـِ العافيه يارب
خالص مودتى لكـِ
وتقبلوا ودي.

سمير العباسي
12-04-2023, 02:18 AM
http://up.anin-ro7.com/do.php?img=6527

احمد خالد
12-04-2023, 02:46 AM
طرح جميل و راقي
جزاك الله خير

الفارس
12-04-2023, 04:16 AM
جزاك الله خير

سمير العباسي
12-04-2023, 05:23 AM
http://up.anin-ro7.com/do.php?img=6527

عواد الهران
12-04-2023, 05:47 AM
طرح هادف, يستحق الوقفه والتامل.

المشاركه المفيده , تتكون من كلام طيب,

والكلمه الطيبه صدقه.... بارك الله فيك.

دحومي
12-05-2023, 12:20 AM
جزااكـ المولى خير الجزاء
جعلها الله اعمالا تثقل موازين اعمالك الصالحة
طرح مميز للغايه
ربي يسعدكـ

اشراق
12-05-2023, 05:57 AM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
لك خالص احترامي

انين الروح
12-05-2023, 01:10 PM
طرح رائع
ومفعم بالجمال والرقي..
يعطيك العافيه على هذا الطرح..
وسلمت اناملك المتألقه
لروعة طرحها..
وننتظ ابداعاتكم القادمة

https://i.pinimg.com/originals/a8/47/b9/a847b94285cb02d4c6c4eb0efb327269.gif
تقديري لك..

رهام
12-05-2023, 04:17 PM
طرح مميز

وموضوع شيق

استمتعت بالمرور على متصفحك

وننتظر جديدك بشوق

تحياني

https://i.pinimg.com/originals/f0/61/d1/f061d181f279d1cbae43e0b2da38ebea.gif

،
،
،

فراشة آيلول
12-06-2023, 12:31 AM
جزاك الله خير وجعله بموازين حسنااتك

شيخة الزين
12-09-2023, 10:46 AM





طرٍح رٍآئع كَ ع ـآدتك ...
يتمـآيل آليـآسمين شذى بجمـآل متصفحك ..
ؤتترٍآقص آلـ ؤرٍؤد متعطرة برٍؤعة مَ طرحته أنـآملك
لرٍؤحك أطيب آلـ ؤرٍد ؤأكـآليل آلـ زهرٍ

معطرٍة برٍقةرٍؤحك

https://upload.3dlat.com/uploads/13612773802.gif





شيخة الزين
12-31-2023, 11:34 AM
يعطيـك ـآلـعـآفيـهَ على جمَـآل طرحـكٌ..||~
د ـآم عطـآئكٌ ../..ورؤعـة تمَـيـزكٌ..~
وديٌ لــروحـكٌ ,,~

ميرا
01-02-2024, 07:16 PM
سَلِمت الأنَامِل المُتألِقة لِروعَة طَرحهَا
دَام العطَاء والتَميّز المُتواصِل
لرُوحك السّعادة

https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gifhttps://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/ff1 (153).gifhttps://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gif

نبض المشاعر
01-09-2024, 07:06 PM
سلّمكم المولىً يً عًذبْين !
وأًثآبكم ع روعةٍ هذآ ال ْطرح
ولآحرمكم الأجرْ يً ربْ

محروم
02-27-2024, 06:34 PM
شهد
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:34 PM
نورس
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:34 PM
سمير العباسي
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:34 PM
احمد خالد
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:34 PM
عواد الهران
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:34 PM
دحومي
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:34 PM
اشراق
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:35 PM
انين الروح
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:36 PM
رهام
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:36 PM
فراشة آيلول
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:36 PM
شيخة الزين
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:36 PM
ميرا
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
02-27-2024, 06:36 PM
نبض المشاعر
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

قَلبْ
05-08-2024, 12:20 PM
بارك الله فيك
و نفعنا واياك بما جلبت

أشواق
05-08-2024, 12:50 PM
جزاكك الله خير
طرح قيم
سلمت الايادي

محروم
05-08-2024, 04:49 PM
اشواق
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير

محروم
05-08-2024, 04:50 PM
قلب
يسعدني ويشرفني مروووووورك العطر
لك مني اجمل باقات الشكر والتقدير