ننتظر تسجيلك هـنـا

♥ ☆ ♥اعلانات منتدى انين الروح ♥ ☆ ♥
عدد الضغطات : 571عدد الضغطات : 655عدد الضغطات : 406عدد الضغطات : 407عدد الضغطات : 807
عدد الضغطات : 501عدد الضغطات : 121عدد الضغطات : 115عدد الضغطات : 114عدد الضغطات : 102
عدد الضغطات : 397عدد الضغطات : 427
♥ ☆ ♥تابع اعلانات منتدى انين الروح ♥ ☆ ♥
عدد الضغطات : 263عدد الضغطات : 2,133
عدد الضغطات : 140عدد الضغطات : 41

الإهداءات



الملاحظات

› ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•

-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات اشراق
اللقب
المشاركات 875278
النقاط 191020
بيانات انين الروح
اللقب
المشاركات 208751
النقاط 77390

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-18-2024, 01:55 PM
محروم متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 عضويتي » 9
 جيت فيذا » Jul 2022
 آخر حضور » يوم أمس (04:14 PM)
آبدآعاتي » 370,934
الاعجابات المتلقاة » 4668
الاعجابات المُرسلة » 2037
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 26سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » محروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond reputeمحروم has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك mbc
اشجع ahli
مَزآجِي  »  1
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي السبيل إلى الأمن والرزق (2)



الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].


أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: بعد ما خلق الله آدم عليه السَّلام وأسجد له ملائكته ﴿ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الأعراف: 11]؛ استكبارًا على الله تعالى واحتقارًا لمن خُلِق من طين أن يسجدَ له من خُلق من نار؛ جرى التكليف على آدم وذريته، وسُلط الشيطان وجنده على إغوائهم، وصدهم عن سبيل الله تعالى؛ فمن أطاع الله تعالى دخل الجنة برحمته سبحانه، ومن سلك طريق إبليس وعصى الله تعالى استحق النَّار ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].


لقد جعل الله تعالى الدنيا ميدانًا لهذا الابتلاء، وجعل الآخرة جزاءً عليه، فمن خاف الله تعالى فأطاعه، وعمِل بشريعته كان له الأمن الكامل، والرزق الدائم، والنعيم المقيم في الآخرة ﴿ إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 45 - 46]، وفي الآية الأخرى: ﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ﴾ [الدخان: 55]، آمنين من فقدانها، وآمنين من الموت، وآمنين من كل ما يُخاف منه، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.

لقد جمع الله تعالى لهم بين الأمن والرزق، الأمن التام الشامل، والرزق المتتابع الذي لا ينقطع ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزُّخرف: 71].


إن قِوامَ حياةِ البشر، ومنتهى سعادتهم وفرحهم، وغاية مطلوبهم ومرادهم، يرتكز على الأمن والرزق، وإن منتهى تعاستهم وشقائهم يكمن في انعدامِ الأمن، وقلة الرزق؛ ولذا جاءت الآيات القرآنية تكرِّسُ هذا المفهوم في قلوب المكلفين، وتغرسه في أفهامهم، وتدلهم على الطريق التي يحصلون بها على الأمن والرزق الأبدي، الذي لا يعتريه خوف ولا وجل ولا قلة ولا ذلة، وهي طريق الله تعالى التي بينتها الرسل، وأنزلت بها الكتب، وابتلي من أجلها المكلَّفون: توحيد الله تعالى وعبادته؛ فمن حقَّق ذلك من المكلفين توفتهم الملائكة طيبين ﴿ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 32]، ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 103]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصِّلت: 30].


كما جاءت الآيات القرآنية تحذرهم من سلوك طريق الخوف والجوع، وهي الطريق التي يدعوهم إليها الشيطان، وتبين لهم أن من سلكها فلن يأمن مهما عمل، وسيُخلد في الجوع والخوف والحزن والعذاب ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ المَصِيرُ ﴾ [التغابن: 10]، ﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾ [الزُّخرف: 77].

وكما أن النعيم في الجنة يرتكز على الأمن والرزق، والعذاب في الآخرة يكون بالخوف والحزن والحرمان· فإنَّ حياة البشر في الدنيا لا تستقيم إلا بتوافر الأمن والرزق، وبفقد أحدهما يفقد الآخر، وبفقدهما تستحيل حياة الناس شقاءً وعذابًا نسأل الله العافية؛ ولذلك فإن من حكمة الله تعالى ورحمته بالبشر لما أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض أن جعل فيها من مقومات الأمن والرزق ما يُمَكِّنُه وذريته من العيش فيها ﴿ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾ [الأعراف: 24]، والأرض لا تكون مستقرًّا لبني آدم إلا بتوافر الأمن؛ لأن من نتائج الخوف: الاضطراب وعدم الاستقرار، والمتاع ما يتمتع الناس به من رزق الله تعالى، ولو لم تكن الأرض آمنة - إلا من عدوان الناس بعضهم على بعض، وإخافة بعضهم بعضًا - لاستحال عيشهم فيها، ولو كانت خالية من الأرزاق لهلكوا.


ولأهمية هاتين النعمتين الأمن والرزق نبَّه الأنبياء عليهم السلام أقوامهم عليها، وبيَّنوا عظيم منَّةِ الله تعالى عليهم بها؛ فهذا صالح عليه السَّلام يقول لقومه: ﴿ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾ [الشعراء: 146 - 148].

ودعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يؤمّن بيته الحرام، ويجبي إليه الأرزاق فقال عليه السلام: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ ﴾ [البقرة: 126]. وفي الآية الأخرى: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].


ويوم أن ألهم الله تعالى الخليل عليه السلام أن يدعو بهذه الدعوات المباركة لم تكن مكة آهلةً بالسكان؛ بل كانت واديًا مهجورًا؛ فأراد الله تعالى بحكمته أن تعمر ويُعمر فيها بيته، وأن تصير مهْيع الحضارات، ومهوى أفئدة الناس، وذلك لا يكون إلا بحلول الأمن فيها، وتدفق الرزق والخيرات عليها، فالبشر يستوطنون ويعمرون حيث يوجد الأمن والأرزاق.

فاستجاب الله تعالى دعوة الخليل عليه السلام وجعل البيت مثابةً للناس وأمنًا، يثوب الناس إليه من كل مكان آمنين، بما قدره سبحانه فيه من أسباب الأمن والرزق، وبما توارثه سكانه من تعظيم للبيت عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام[1].


وحتى بعد شركهم وانحرافهم عن الحنيفية، بقي فيهم تعظيم البيت على مرّ العصور، وتتابع الأجيال، من عهد إبراهيم عليه السلام إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا دخلوا البيت وضعوا السلاح، وكفّوا عن الثأر، حتّى إنّ الرّجل ليرى قاتل أبيه فلا يمسّه بِسوءٍ تعظيمًا للبيت الحرام.

إن ما نعمت به مكة من أمن وأرزاق منذ دعوة إبراهيم عليه السلام إلى يومنا هذا ما كان إلا بقدر من الله تعالى واختيارًا لهذه البقعة المباركة، التي ما كانت صالحة للعيش قبل ذلك، ثم جاءت شرائع الأنبياء عليهم السلام لتؤكد على أمنها، وتحث الناس على قصدها لعبادة الله تعالى فيها، فحصل الأمن والعمران، وتدفقت عليها الخيرات في وقت كان مَن حولهم لا يأمنون ولا يشبعون ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ ﴾ [العنكبوت: 67].


ولما رفض المشركون دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من تعليلاتهم في رفضها أنهم إن تركوا إرث الآباء والأجداد اجتمعت العرب على حربهم؛ ففقدوا الأمن والرزق، ﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ﴾ [القصص: 57] كان جواب الله تعالى عليهم: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 57].

قال ابن زيد: "كانت العرب يغير بعضها على بعض، ويسبي بعضها بعضًا، فأمنت قريش من ذلك لمكانة الحرم، وقرأ ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [القصص: 57]"[2].

وقال ابن جزي: "وكان غيرهم من الناس تؤخذ أموالهم وأنفسهم"[3].

ولما فتحت مكة، ودانتْ بالإسلام؛ أمنت وأمن أهلها بما شرع الله تعالى من الشرائع والحدود، والواجبات والحرمات؛ فكانتْ بلدًا آمنًا مطمئنًّا، تجبى إليها الأرزاق من كل مكان، ما دام أهلها قائمين بأمر الله سبحانه مستمسكين بشريعته.

وكانت هذه الشريعة المباركة التي أنزلت في البلد الأمين محققةً لما يحتاجه البشر من الأمن والرزق في الدنيا والآخرة؛ ولذا كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم عامَّةً إلى الناس كلهم، منذ إرساله إلى قيام الساعة؛ ليعبدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئًا، فإن هم حققوا هذه العبودية حقق الله تعالى لهم الأمن والرزق في الدنيا والآخرة.


وبقدر انتقاصهم من عبوديـة ربّهم، وتفلتهم مـن شريعـته يحل عليهم ما يوازيه من الخوف والقلة، ويرفع عنهم مـن الرزق والأمن بقدر تفريطهم وعصيانهم، فالمشركون لا أمن لهم ولا رزق في الآخرة، وفي الدّنيا لا يكتمل لهم الأمن والرزق من كل وجه؛ بل يعتريه من النقص والخلل ما ينغّصه عليهم، ولا تكمل به لذتهم.

والعصاة من المؤمنين قد يُعاقبون في الدنيا على عصيانهم برفع الأمن والرزق عنهم، وحلول الخوف والحرمان عليهم. وقد يؤخر الله تعالى عقوبتهم لتكون في الآخرة، فيصيبهم فيها من الحرمان والخوف ما يكفر سيئاتهم، ثم مآلهم إلى الجنة برحمة الله تعالى.


والطائعون لهم الأمن والرزق في الدنيا والآخرة، وإذا أصابهم في الدنيا ما ظاهره القلة والخوف فإن الله تعالى يربط على قلوبهم، ويزيدهم يقينًا به؛ فلا يخافون في مواضع الخوف، ويكون ما أصابهم من نقص الأمن والرزق ابتلاءً تكفر به سيئاتهم، وترفع درجاتهم؛ ليكون لهم الأمن الكامل، والرزق التام، والنعيم المقيم في جنات عدن، جعلنا الله تعالى بكرمه من الآمنين في الدنيا والآخرة، ووقانا وبلادنا وبلاد المسلمين الفتن والخوف والجوع، إنه سميع مجيب.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيها كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحذروا عذابه فلا تعصوه؛ فإنه سبحانه عزيز ذو انتقام ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].

أيها الناس: هاجس الأمن والرزق هاجس لازَمَ البشرَ طوال تاريخهم؛ إذ لا يقوم لهم عيش إلا بأمْنٍ ينعمون به، ونِعَمٍ يرتعون فيها، وفي عصرنا هذا نجد أن جُلَّ موارد الأرض، وأرزاق الناس إنما تنفق لتحقيق هذين المطلبين؛ فأكثر خزائن الأمم، وميزانياتِ الدول تنفق على السلاح؛ لاستخدامه في الحماية، ورد العدوان، وردع الأعداء؛ ليتحقق الأمن. وليس خافيًا على أحد ما يُنفق على الاقتصاد والصناعة والتجارة من أموال طائلة؛ حتى صاروا يستغلون النفايات ويصنعونها من جديد، وليست نفايات البيوت والمصانع فحسب؛ بل حتى نفايات الإنسان والحيوان؛ وذلك بقصد الاستفادة من كل شيء لتوفير الأرزاق، وتحقيق الرفاهية.


وعلى الرغم من ذلك كله فإن البشرية في مجملها تجد الخوف، وتحس بالجوع، ومن كان عنده قدر من الرزق والأمن فهو يعاني خوفًا آخر، وهو خوف فقده مع كثرة الحروب والقلاقل، وتقلبات الدول، واضطرابات الاقتصاد، فالحرمان من الأمن والرزق، أو الخوفُ من فقدانهما صار سمة من سمات هذا العصر المتقدم! وسبب ذلك أن البشرية باتت تحكم على الصعيد العالمي بما يخالف منهج الله تعالى، وصار يقرر مصيرها من لا يقيم للشرائع الربانية أي وزن. وسيطر على عقول الناس العيشُ للدنيا، والاستمتاع بها بلا ضوابط دينية، ولا قيود أخلاقية، إلا عند المؤمنين المتمسكين بدينهم، وهم يُحارَبون من أمم الأرض على تمسكهم هذا.


ولأن كثيرًا من المسلمين وقعوا فيما وقع فيه غيرهم من حب الدنيا والتعلق بها؛ فإن هاجسَ الأمن والرزق صار مصدر رعب وقلق يقض مضاجعهم، فراح أكثرهم يستجلبون الأمن والرزق بالطرق المحرمة، والكسب الخبيث، والركون إلى الذين ظلموا ليؤمنوهم، في بُعْدٍ تام عمن بيده ملكوت كل شيء، وهو من يهب الأمن والرزق جلَّ في علاه!!

إن الأمة التي تريد تحقيق الأمن، وبسط الرزق، وكثرة الخيرات، وانعدام المشكلات عليها أن تتقي الله عزَّ وجلَّ وأن تأخذ بأحكام شريعته في كل شيء؛ ليتحقق لها ذلك.


وإن من أعظم مما يسبب زوال الأمن، وقلة الرزق: كفر النعم، وكثرة العصيان، وقلة الاستغفار، وضعف التوبة والأوبة إلى الله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

لاحظوا قوله تعالى: ﴿ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله ﴾ [النحل: 112]، الأنعم جمع قلة، أي: كفرت بأنعمٍ قليلة فعذبها الله تعالى بسلب الأمن، ورفع الرزق، وحلول الخوف والجوع مكانهما، والمقصود: التنبيه بالأدنى على الأعلى، أي: أن كفران النعم القليلة لما كان موجبًا للعذاب؛ فكفران النعم الكثيرة أولى بإيجاب العذاب[4]. وكم في المسلمين من كفران للنعم، وعصيان للمنعِم في هذا العصر؟! نسأل الله العافية والسلامة، ونسأله أن لا يؤاخذنا بذنوبنا، ولا بما فعل السفهاء منا.


وعبَّر سبحانه عن عظيم ما أصابهم بالذوق واللباس ﴿ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ ﴾ [النحل: 112]، لإحاطة ما غشيهم من الجوع والخوف، وملازمته إياهم، أراد سبحانه إفادة أن ذلك متمكن منهم، ومستقرٌّ في بلادهم استقرار الطعام في البطن؛ إذ يُذاق في اللسان والحلق، ويُحس في الجوفِ والأمعاء، فاستُعير له لفظ الإذاقة تلميحًا، وجمعًا بين الطعام واللباس، والمعنى: أن الجوع والخوف محيطان بأهل القرية في سائر أحوالهم، وملازمان لهم، وقد بلغا منهم مبلغًا أليمًا[5].


ألا فاتقوا الله ربكم، واشكروه على نعمه، فلن يحقق عبدٌ الأمنَ الشامل الكامل، الذي لا ينغصه خوف بوجه من الوجوه في نفسه وأسرته وماله، إلا بإقامة شريعة الله تعالى في نفسه وبيته وماله، ولن تحقق أمة من الأمم الأمن الشامل بين رعاياها؛ حتى تقوم فيهم بشريعة الله تعالى في عَلاقاتهم مع أنفسهم ومع إخوانهم، ومع غيرهم من مسلمين وغير مسلمين. وبغير ذلك ستكون المحن والفتن، والقلاقل والاضطرابات، التي ينتج عنها اختلال الأمن، وانتشار الخوف، وقلة الأرزاق، وكثرة الجوع. نسأل الله أن يحفظنا وإخواننا المسلمين في كل مكان من ذلك ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا القَوْمُ الخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 96 - 99].

ألا وصلوا وسلموا على خير خلق الله كما أمركم بذلك ربكم.

[1]انظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (1/ 709).
[2] "جامع البيان" (30/ 309)، و"الجامع لأحكام القرآن" (20/ 209)، و"فتح القدير" للشوكاني (5/ 498).
[3] "التسهيل لعلوم التنزل" (4/ 433).
[4] انظر: "التفسير الكبير" للرازي (20/ 102).
[5] انظر: "التحرير والتنوير" (14/ 307).
الموضوع الأصلي: السبيل إلى الأمن والرزق (2) || الكاتب: محروم || المصدر: منتديات انين الروح

كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مناضر, جوالات , حب , عشق , غرام , سياحه , سفر





 توقيع : محروم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السبيل إلى الأمن والرزق (1) محروم › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 14 04-15-2024 03:02 AM
باكستان تدعو مجلس الأمن إلى التدخل العاجل لوقف إطلاق النار في غزة اشراق › ~•₪• الاخبـار العربيـه والعـالميه ~•ـ₪• 12 02-27-2024 01:40 AM
إيران تقصف أربيل بالصواريخ.. والعراق يتعهد اللجوء إلى مجلس الأمن اشراق › ~•₪• الاخبـار العربيـه والعـالميه ~•ـ₪• 12 01-18-2024 11:48 PM
من أسباب التوفيق والرزق رهام › ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪• 22 01-11-2024 01:54 PM
وزير خارجية الأردن يبدأ غدا جولة إلى عواصم عدد من الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن قمر هادي › ~•₪• الاخبـار العربيـه والعـالميه ~•ـ₪• 9 11-21-2023 05:33 PM


الساعة الآن 02:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع ما يطرح في منتديات انين الروح لا يعبر عن رأي الإدارة وإنما يعبر عن رأي كاتبها
ابرئ نفسي أنا مؤسس الموقع ، أمام الله ثم أمام جميع الزوار و الأعضاء على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء على مايخالف ديننا الحنيف

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

mamnoa 2.0 By DAHOM